اعترف جيفري هينتون، أحد أبرز روّاد الذكاء الاصطناعي والحائز على جائزة تورينغ، بأنه كان متسرعًا في تصريحه السابق بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي ستحل محل أطباء الأشعة بشكل كامل. وفي مقابلة حديثة مع صحيفة نيويورك تايمز، أوضح هينتون أنه حين أطلق ذلك التصريح ركّز فقط على قدرة الذكاء الاصطناعي في تحليل الصور، دون أن يأخذ في الاعتبار الجوانب المعقدة للممارسة الطبية.
هينتون يعيد النظر الذكاء الاصطناعي شريكٌ للأطباء لا بديل عنهم
قال هينتون: “كنا نسير في الاتجاه الصحيح، لكن الواقع أثبت أن الذكاء الاصطناعي لا يستبدل أطباء الأشعة، بل يساعدهم في تحسين الكفاءة والدقة”.
هينتون يعيد النظر الذكاء الاصطناعي شريكٌ للأطباء لا بديل عنهم
ويُعد هذا التصريح تصحيحًا لتوقعاته التي أثارت ضجة عام 2016، حين صرّح بأن تدريب أطباء أشعة جدد أمر غير ضروري، وشبّه المهنة بشخصية كرتونية تواصل الجري بعد سقوطها من الحافة، دون أن تدرك ذلك.
الواقع الطبي يثبت خلاف ما تنبأ به هينتون
رغم أن هينتون تنبأ بأن تقنيات التعلم العميق ستتفوق على أداء الأطباء خلال خمس سنوات، فإن الأرقام جاءت مختلفة تمامًا. فوفقًا لتقرير نيويورك تايمز، فإن مستشفى مايو كلينك قد شهد منذ عام 2016 نموًا في عدد أطباء الأشعة بنسبة 55%، من 260 طبيبًا إلى أكثر من 400 طبيب، مما يدل على استمرار الحاجة إلى الخبرات البشرية.
الذكاء الاصطناعي: أداة دعم لا استبدال
ومع ذلك، لا يمكن إنكار تأثير الذكاء الاصطناعي على المجال الطبي؛ فقد أصبحت مايو كلينك تستخدم أكثر من 250 نموذجًا من نماذج الذكاء الاصطناعي في قسم الأشعة وحده، بعض هذه النماذج تم تطويره داخليًا، والبعض الآخر تم الحصول عليه من شركات خارجية. وتُستخدم هذه الأدوات لتسريع تحليل الصور الطبية، واكتشاف علامات لأمراض مثل الجلطات الدموية والأورام، بل وتقديم قياسات تلقائية لحجم الكلى، وهي مهمة كانت تُنجز يدويًا في السابق وتستهلك وقتًا وجهدًا كبيرًا.
الذكاء الاصطناعي شريك دقيق لكنه ليس بديلاً سريريًا
أكد الدكتور ماثيو كالستروم، رئيس قسم الأشعة في مايو كلينك، أن الذكاء الاصطناعي يُستخدم كـ”زوج ثانٍ من العيون”، ينجز المهام المتكررة، لكنه لا يحل محل القرار السريري الذي يبقى في يد الطبيب. وأضاف أن هذه الأدوات أصبحت الآن جزءًا لا يتجزأ من الروتين الطبي اليومي.
يمثّل تراجع هينتون عن تصريحاته السابقة درسًا مهمًا في التواضع والتريث عند إصدار توقعات مستقبلية حول الذكاء الاصطناعي. وتذكّرنا هذه القصة بأن بعض التصريحات المبالغ فيها – كتلك الصادرة من شخصيات بارزة مثل سام ألتمان (OpenAI) وبيل غيتس (مايكروسوفت) – قد تفتقر إلى الفهم العميق للفروقات بين أتمتة المهام الجزئية واستبدال المهن بالكامل.
حتى مع تقدم الذكاء الاصطناعي، فإن تبنّيه الشامل في المجالات الطبية يواجه عوائق تتعلق بالثقافة المهنية، والأنظمة التنظيمية، والقوانين المعمول بها. ولهذا، تُعد دعوة هينتون الأخيرة بمثابة تحذير للباحثين والمختصين: لا تطلقوا وعودًا أو تنبؤات عامة عن مهن معقدة، دون فهم شامل لطبيعتها.