منذ عشر سنوات لم تكن حياتنا بالشكل الذي اعتدنا عليه اليوم، حيث كانت أغلب الهواتف في ذلك الوقت تتمتع بمواصفات متواضعة ومحدودة، ولم تكن وسائل التواصل الاجتماعي قد انتشرت بهذا الشكل الكبير، ولم نكن نسمع بمصطلحات مثل “جيمر“، “يوتيوبر” وفلوجر، مساعد صوتي أو حتى طباعة ثلاثية الأبعاد، فجميع الأشياء التي اعتدنا عليها اليوم وألفناها هي عبارة عن تقنيات تطوَّرت وتبلورت خلال العشر سنوات الماضية، كل هذا يفتح الباب لسؤال هام هو “كيف ستبدو حياتنا في العشر سنوات القادمة؟”.
في هذا المقال سوف نستعرض أبرز التقنيات الواعدة والتي من ممكن أن تتطور خلال العشر سنوات القادمة لتؤثر تأثيراً كبيراً في حياتنا، كما سوف نناقش تطبيقاتها المستقبليَّة بشكل موضوعي بعيداً عن الخيال لنتعرَّف كيف يمكننا الاستفادة منها على أكمل وجه.
تعتبر هذه التقنية من أكثر التقنيات حيوية، وقد تطوَّرت بشكل كبير وملحوظ خلال السنوات الأخيرة، حيثُ قدَّمت مزيجاً من أهم تقنيّات العقد المنصرم.
يُستخدم إنترنت الأشياء في وقتنا الحالي على نطاق واسع في المؤسسات التجاريّة والصناعيّة؛ بسبب الميزات التي يُقدمها من تحكم مركزي ومراقبة مستمرة، بالإضافة إلى القدرة على الاكتشاف المبكِّر للأعطال، جميع الميزات السابقة جعلت هذا المجال من الوجهات الأولى التي تتوجه إليها الشركات التقنيّة بهدف الاستثمار، ولا سيما الاستثمار في تطبيق هذه التقنية في المنازل.
ولعلَّ أبرز الأمثلة الحديثة على هذه التقنيَّة هو جهاز Google Nest Thermostat والذي يعتبر ترموستات ذكياً مزوَّداً بالذكاء الاصطناعي يساعد المستخدمين على التحكم التلقائي واليدوي بأجهزة التكييف والتدفئة في المنزل باستهلاك أقل طاقة ممكنة.
تتجه أنظار معظم الشركات التقنيَّة الآن إلى تطوير أجهزة منزليَّة ذكيَّة قادرة على الاتصال بالإنترنت ومزوَّدة بالذكاء الاصطناعي للتفاعل مع المستخدم ومعرفة رغباته وتوقُّع احتياجاته، بهدف جعل حياته أسهل.
2- العملات الرقميَّة المشفَّرة
المستقبل
عند سماعنا مصطلح العملات الرقميَّة المشفَّرة دائماً ما يتبادر إلى ذهننا عملة البتكوين Bitcoin، وعلى الرغم من أنَّ هذه العملة هي الأوسع انتشاراً إلا أنَّ هنالك ما يقارب 6000 عملة رقميَّة مشفَّرة غيرها.
تتمتع العملات المشفَّرة بالعديد من المزايا مثل: اللامركزيَّة؛ وذلك بسبب عدم وجود بنك مركزي صكَّ هذه العملات، بالإضافة إلى السهولة في التعامل؛ حيثُ بإمكانك إتمام جميع معاملاتك المالية مهما بلغ حجمها بدون أيّ قيود أو رسوم دفع، ومن دون تدخل المصرف بذلك، وباستخدام هاتفك المحمول فقط.
جميع هذه الأمور تجعل من العملات الرقميّة المشفَّرة عملات مستقبليّة بجدارة، إلا أنَّ تقلُّب أسعار هذه العملات بشكل سريع جداً وبنسب كبيرة، إلى جانب ارتباطها بالتداولات الماليّة غير المشروعة، وحظر عدّة بلدان لها، لا تزال من العوائق التي تقف في طريق نمو وتطوّر هذه العملات، الأمر الذي دفع معظم المستثمرين في هذه العملات إلى المطالبة بقوانين وتشريعات لتنظيم سوق العملات الرقميّة المشفّرة لجعلها ذات وثوقيّة واعتماديّة أكبر، وللاستفادة من الميزات العديدة التي تقدمها.
3- الحوسبة السحابية
المستقبل
مع التطوُّر الهائل الذي شهدته شبكة الإنترنت خلال السنوات الماضية، من ناحية سرعة الاتصال وزمن التأخير، تولَّد لدينا مفهوم جديد وهو “الحوسبة السحابية“، وهي ببساطة تعني الاستفادة من قدرات حاسوب آخر من خلال اتصال الإنترنت فقط، وبدون الحاجة إلى امتلاك جهاز ذو إمكانيات ضخمة.
وعلى الرغم من اعتماد الكثير من الخدمات الحاليَّة على هذا النوع من التقنيات، إلَّا أنَّه لا يزال يوجد هنالك مساحة كبيرة للنمو في هذا المجال، وأشهر الأمثلة على ذلك هي الألعاب السحابية، التي بدأت شركات الألعاب الإلكترونية بالتوجه إلى تقديمها عبر خدمات مثل PlayStation Now و Xbox Cloud Gaming و Google Stadia، جميع هذه الخدمات تُمكنك من لعب مجموعة كبيرة من الألعاب دون الحاجة لامتلاك جهاز خاص بالألعاب ومن خلال الاتصال بالإنترنت فقط.
من المتوقع في السنوات القادمة ازدهار هذا المجال بشكل كبير وخاصةً في مجال الألعاب الالكترونية، حيث أنّّ انتقال شركات تصنيع أجهزة الألعاب المنزلية الكبرى مثل بلاي ستيشن ومايكروسوفت إلى الخدمات السحابية سوف يخفف عليها عناء تصنيع الأجهزة وصيانتها، بالإضافة إلى قدرتها على استهداف مجموعة أكبر من اللاعبين في مختلف المنصات.
4- السيارات ذاتية القيادة
المستقبل
في عام 2012 سمحت ولاية كاليفورنيا بتواجد السيارات ذاتية القيادة في شوارعها بشكل رسمي وقانوني، لتكون بذلك أولى الولايات الأمريكية التي شرَّعت هذه التقنية.
وعلى عكس المتوقَّع أثبتت هذه التقنية كفاءتها بشكل عملي على أرض الواقع، حيثُ أشارت معظم التقارير الواردة إلى أنَّ معدل الحوادث في السيارات ذاتية القيادة أقل بكثير من مثيله في السيارات العادية، ونظرياً تكاد أن تصبح نسبة الحوادث بين السيارات ذاتية القيادة معدومة في حال كانت هذه السيارات مرتبطة مع بعضها البعض.
وعلى الرغم من الخصائص الفريدة التي تتمتع بها السيارات ذاتية القيادة إلَّا أنَّ محاولات الدول لا تزال خجولة في منحها كامل الصلاحيات، الأمر الذي سوف يؤدي بدوره إلى تأخُّر انتشارها، ولكن من ناحية أخرى فإنَّ الشركات التقنيّة الكبرى مثل جوجل وآبل، بالإضافة إلى شركات السيارات مثل تيسلا وفورد مدركة تمام الإدراك أهمية هذه السيارات المستقبلية، وتعمل على تطويرها للوصول إلى أكبر قدر من السلامة.
5- الطباعة ثلاثية الأبعاد
مستقبل الطباعة
في الواقع فإنَّ تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد ليست بالتقنية الحديثة كليّاً، حيثُ أنَّ هنالك شركات استخدمتها منذ ما يقارب الـ 20 سنة لطباعة نماذجها التجريبية، إلّا أنَّ الجديد في هذه التقنية هي تطوُّرها بالشكل الذي سمحَ للمستخدمين غير المختصين من استخدامها وطباعة مختلف الأشياء بواسطتها، حيث أصبح بالإمكان الحصول على طابعة ثلاثية الأبعاد بقدرات جيدة جداً بسعر لا يتجاوز الـ 600$.
لا يقتصر استخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد في طباعة التصاميم الفنية أو الأجزاء الميكانيكية فقط بل إنَّه يتعدى ذلك ليصل إلى طباعة المنازل السكنية والسيارات بالإضافة إلى الأطراف الاصطناعية.
يتطلع العلماء إلى تطوير هذه التقنية ليتمكنوا خلال السنوات القادمة من طباعة مختلف الأعضاء في جسم الإنسان لإنقاذ ملايين الأرواح سنوياً.
6- تقنية الواقع الافتراضي
المستقبل
خلال السنوات الماضية أصبح مصطلح “الواقع الافتراضي” ملتصق بالألعاب الإلكترونية؛ بسبب استثمار أغلب شركات الألعاب فيه وتطويره من قبلها، إلَّا أنَّ تحجيم تقنية الواقع الافتراضي وتأطيرها في إطار الألعاب الإلكترونية فقط يُعتبر هدراً لجزء كبير من هذه التقنية.
حيث أنَّ تقنية الواقع الافتراضي من الممكن أن تكون أكثر فائدة ليس في اختلاق الخيال وحسب، وإنَّما في إثراء الواقع وتعزيزه من خلال ربط الناس بمختلف الأماكن والأشخاص بشكل غير مسبوق، فمن خلال هذه التقنية بإمكانك حضور دورة تدريبية والتفاعل معها، أو حتى زيارة أصدقائك في مختلف أنحاء العالم، والقيام بجولات استكشافية وسياحية لأهم المعالم والآثار.
بالطبع فإنَّ هذه التقنية لن تغني عن التفاعل مع العالم الواقعي إلَّا أنَّها تعتبر خياراً بديلاً وفعالاً ومرناً يهدف إلى جعل حياتنا أكثر عملية.
7- تقنية معالجة اللغات الطبيعية
المستقبل
منذ اختراع الحاسوب عام 1890 وحتى اليوم راود الإنسان حلم التواصل مع هذه الآلة، الأمر الذي دفعه إلى تطوير وابتكار الحاسوب القابل للبرمجة عام 1938 باستخدام النظام الثنائي، ومن ثمَّ إيجاد لغات البرمجة عالية المستوى التي تستخدم عبارات باللغة الإنكليزية للتواصل مع الحاسوب وبرمجته، وهكذا إلى أن وصلنا إلى اليوم وقد بات بإمكاننا التواصل مع الحاسب من خلال أوامر معينة بشكل مكتوب أو صوتي.
إنَّ معالجة اللغات الطبيعية مجال كبير ويتداخل مع عدَّة مجالات أخرى مثل تعلُّم الآلة والتعلُّم العميق، ويهدف بشكل أساسي إلى فهم الإنسان بلغته الطبيعية واستخلاص المعنى والرد بنفس اللغة بما يلائم المعنى المستخلص.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك هو خدمة Google Duplex ضمن مساعد جوجل، والتي تمكِّنك من إعطاء أمر لمساعد جوجل لإجراء المكالمات بدلاً عنك، حيث أنَّ Google Duplex سوف يستخدم الصوت البشري بدلاً من الصوت الروبوتي المعتاد، كما أنَّ بإمكانه فهم الجمل المعقدة، الكلام السريع، والملاحظات الطويلة حسب ما صرحت به شركة جوجل، أعلنت الشركة عن هذه الخدمة في عام 2018 ضمن مؤتمر Google I/O، حيث قامت الشركة بعرض مثالين حقيقيين لهذه الخدمة.
8- تقنية النانو
المستقبل التقنية
هل سمعت مسبقاً بالشاشات القابلة للانحناء أو الهواتف القابلة للطي أو حتى بالشرائح التي تُزرع تحت الجلد، جميع هذه الأشياء هي تطبيق لتقنية النانو.
تعتبر تقنية النانو من أكثر التقنيات تطوُّراً وتنوُّعاً في مجال الاستخدام، حيثُ أنَّ قدرتنا على فهم طبيعة المواد والتحكم بها على نطاق صغير يؤدي إلى ابتكارنا لمنتجات جديدة، والتي بالإمكان استخدامها في معظم مجالات الحياة.
في حين أنَّ أغلب مجالات تطبيق تقنية النانو على قدر كبير من الأهمية، إلا أنَّ تطوير هذه التقنية في السنوات القادمة واستثمارها في مجال تصنيع المعالجات سوفَ يشكل نقلة نوعية في عالم التقنية بشكل عام، حيث سوف تغدو المعالجات ذات قدرات هائلة مما سوفَ يوفِّر بيئة خصبة لنمو العديد من التقنيات الجديدة والتي تعتمد بشكل أساسي على قدرات المعالجة مثل تقنيات الذكاء الصنعي.
وفي النهاية يمكننا القول إنَّ المستقبل خلال العشر سنوات القادمة لن يكون مليئاً بالروبوتات أو السيارات الطائرة، ولكن سوف يحمل معه تقنيات نعايشها اليوم بشكل بسيط وتطبيقات فعالة أكثر لتساعدنا على عيش حياة أفضل، وأنت، ماذا تتوقع من التقنية خلال عشر سنوات؟