شهدت الجراحة الروبوتية انطلاقتها الأولى في الثمانينيات، عندما استخدمت أدوات التنظير الداخلي لتقليل التدخل الجراحي وتسريع التعافي. هذه البداية كانت مقدمة لتحول طبي كبير. واليوم، يُمثل الذكاء الاصطناعي نقطة التحول التالية، حيث يرفع من كفاءة ودقة العمليات. ومع ذلك، لا تزال معظم العمليات الجراحية تُجرى بالطرق التقليدية، ما يحرم العديد من المرضى من الاستفادة من هذه التطورات.
الجراحة الذكية كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي رسم مستقبل العمليات الجراحية
يشهد قطاع الروبوتات الجراحية نموًا متسارعًا، مدعومًا بالتحول الرقمي والاستثمارات الكبيرة من شركات مثل Nvidia وIntuitive Surgical. أطلقت الأخيرة نظام “Da Vinci” الذي غيّر ملامح الجراحة في مجالات متنوعة مثل القلب والسمنة والصدر. وقد زاد اعتماد هذه التقنية بنسبة 738% بين عامي 2012 و2018 في الجراحة العامة وحدها. ويتوقع أن تصل قيمة السوق إلى 14 مليار دولار بحلول عام 2026.
الجراحة الذكية كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي رسم مستقبل العمليات الجراحية
التقنية العميقة تقود مستقبل الجراحة
تعتمد التقنية العميقة (Deep Tech) على التكامل بين الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة الأخرى لتقديم حلول مبتكرة. ومع وجود 5 مليارات شخص حول العالم يفتقرون للرعاية الجراحية الأساسية، تُعد الجراحة الروبوتية المدعومة بالذكاء الاصطناعي أملًا لتوفير حلول أكثر كفاءة وأقل تكلفة، حتى في المناطق النائية.
ثلاث طرق يُحدث بها الذكاء الاصطناعي ثورة في الجراحة
1. الذكاء الاصطناعي المجسّد (Embodied AI)
يمثل الذكاء الاصطناعي المجسّد تطورًا نوعيًا، حيث يتم تدريب الروبوتات ضمن بيئات محاكاة ثلاثية الأبعاد تُمكّنها من تنفيذ مهام جراحية معقدة بدقة عالية. ومع توفر بيانات ضخمة للتدريب، أصبح بالإمكان تصميم روبوتات قادرة على تنفيذ العمليات بدقة تُضاهي – وربما تتجاوز – القدرات البشرية.
بفضل قدرته على تحليل البيانات بسرعة هائلة، يوفر الذكاء الاصطناعي رؤى دقيقة قبل الجراحة، ويقدّم دعمًا لحظيًا خلال العملية من خلال خرائط ثلاثية الأبعاد، وتوصيات مباشرة لتعديل الخطة الجراحية. كما يُوفر تقييمًا لما بعد العملية لتحسين أداء الجراح مستقبلاً.
3. تقليل الفروقات الفردية بين الجراحين
الفروقات في أداء الجراحين ترتبط بخبراتهم ومستوى تدريبهم. إلا أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تقديم تدريب ذكي وتوجيه دقيق خلال العمليات، مع الحد من الأخطاء البشرية بفضل ميزة التشغيل شبه الذاتي، والتعرف الدقيق على الأنسجة، مما يرفع جودة الرعاية ويقلل التباين بين الأطباء.
يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في إعادة تشكيل نظم الرعاية الصحية، خاصة في الجراحة. فهو لا يرفع فقط مستوى الدقة والسلامة، بل يفتح الباب أمام مستقبل تُتاح فيه الرعاية المتقدمة لكل مريض، أينما كان. وبينما تستمر الروبوتات والأنظمة الذكية بالتطور، نحن على أعتاب تحول جذري في كيفية تقديم العلاج الجراحي عالميًا.
تستعد شركة آبل للكشف عن جيل جديد من التقنيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي ضمن فعاليات مؤتمرها السنوي للمطورين WWDC 2025، والذي سيُعقد في الفترة من 9 إلى 13 يونيو. وتركّز الأنظار هذا العام على التحديثات المتوقعة في أنظمة التشغيل المختلفة، وأبرزها مزايا Apple Intelligence التي ستُحدث نقلة نوعية في تجربة استخدام أجهزة آبل.
آفاق جديدة للذكاء الاصطناعي في أنظمة آبل ابتكارات متوقعة في مؤتمر WWDC 2025
آفاق جديدة للذكاء الاصطناعي في أنظمة آبل ابتكارات متوقعة في مؤتمر WWDC 2025
من أبرز المزايا المتوقعة في نظام iOS 19 ميزة إدارة البطارية الذكية، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل أنماط استخدام الجهاز وتعديل استهلاك الطاقة تلقائيًا. سيتيح هذا الوضع الجديد تحسين عمر البطارية، مع تقديم مؤشرات على شاشة القفل توضح الوقت المتبقي لشحن الجهاز بالكامل، في خطوة تستهدف تعزيز كفاءة الطاقة وتخصيصها حسب سلوك المستخدم.
دعم تطبيقات الطرف الثالث بقدرات Apple Intelligence
وفقًا لتقارير بلومبرغ، تعمل آبل على تطوير حزمة تطوير برمجيات (SDK) تسمح للمطورين بدمج مزايا الذكاء الاصطناعي مباشرة داخل تطبيقاتهم. وستشمل هذه القدرات توليد الصور، وتحرير النصوص، والاستفادة من نماذج اللغة الكبيرة محليًا على الأجهزة، مما يفتح المجال أمام تجارب أكثر تخصيصًا دون الحاجة إلى الاتصال بالخوادم السحابية.
تحسينات في المساعد الصوتي “سيري” لفهم المحتوى الظاهر
من المنتظر أن يحصل مساعد آبل “سيري” على ميزة ذكية جديدة تُعرف بـ”الوعي بمحتوى الشاشة”، حيث سيتمكن من تحليل ما يظهر على الشاشة وتنفيذ أوامر ذات صلة، مثل حجز موعد أو إرسال رسالة، بناءً على السياق المعروض أمام المستخدم.
مع تحديث iOS 18.4، أصبح Apple Intelligence يدعم عشر لغات. وتُشير التوقعات إلى أنها ستُعلن عن إضافة لغات جديدة خلال مؤتمر WWDC 2025، ما يُعزز من انتشار الخدمات ويُمكّن شرائح أوسع من المستخدمين من التفاعل مع الميزات الذكية بلغاتهم الأم.
مع الانتشار الواسع لتقنيات الذكاء الاصطناعي وسهولة الوصول إليها، بدأت التهديدات السيبرانية في اتخاذ أشكال جديدة وأكثر تعقيدًا. فقد كشف تقرير حديث نشره موقع Website Planet عن تسريب ضخم لبيانات حساسة، يُعتقد أنها جُمعت عبر برمجيات خبيثة تُعرف باسم InfoStealer. هذه البرمجيات تعمل على سرقة كلمات المرور والمعلومات الشخصية وحتى المحافظ الرقمية. ورغم النصائح الأمنية التقليدية مثل تجنب تحميل المحتوى من مصادر غير موثوقة، إلا أن المخاطر أصبحت أكثر دهاءً وصعوبة في الكشف.
تيك توك تحت المجهر هجمات سيبرانية متطورة تستغل الذكاء الاصطناعي لسرقة البيانات
بحسب تقرير من شركة Trend Micro المتخصصة في الأمن السيبراني، لجأت مجموعة من القراصنة إلى استغلال منصة تيك توك لنشر برمجيات تجسس من خلال إنشاء مقاطع فيديو “تعليمية” مزيفة.
تيك توك تحت المجهر هجمات سيبرانية متطورة تستغل الذكاء الاصطناعي لسرقة البيانات
يستخدم القراصنة الذكاء الاصطناعي لإنشاء فيديوهات تُظهر كيفية تفعيل برامج شهيرة مثل Windows أو Microsoft Office أو Spotify، والتي تستهدف المستخدمين الباحثين عن تفعيل نسخ غير أصلية. لكن بدلاً من الحصول على نسخة مفعّلة، يُنفذ المستخدم تعليمات تؤدي إلى تحميل برمجيات خبيثة مثل Vidar وStealC، المصممة لسرقة بيانات حساسة من الأجهزة.
لماذا يصعب اكتشاف هذه الهجمات؟
الذكاء الاصطناعي لا يُستخدم هنا في صناعة الفيروسات، بل في إلقاء التعليمات الصوتية بشكل يبدو واقعيًا، دون أن تحتوي الفيديوهات على روابط أو كلمات مثيرة للريبة. هذا يُصعّب من مهمة أنظمة المراقبة التلقائية لدى تيك توك في اكتشافها.
المستخدم في الغالب يتّبع الخطوات كما هي دون شك، وهو ما يجعل من السهل خداعه وتثبيت برمجيات التجسس دون علمه.
أشار تقرير Trend Micro إلى أن أحد هذه المقاطع الخبيثة تخطّى 500 ألف مشاهدة، مما يعكس مدى سرعة انتشار هذه الخدع. ومع إمكانية إنتاج عدد غير محدود من المقاطع باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، يمكن للمهاجمين تكرار العملية بعدة طرق.
ويحذر التقرير من إمكانية انتقال هذا الأسلوب إلى منصات أخرى، خصوصًا تلك التي لا تملك أنظمة فعّالة للكشف عن هذا النوع من الهجمات.
رغم التحديات الجديدة التي يفرضها الذكاء الاصطناعي على أمن المعلومات، إلا أن الشركات التقنية بدأت بدورها بتطوير أدوات مضادة. فعلى سبيل المثال، أطلقت جوجل ميزة جديدة في متصفح Chrome تتيح تغيير كلمات المرور تلقائيًا عند كشف اختراقها.
من المتوقع أيضًا أن تعمل منصات التواصل الاجتماعي على تعزيز قدراتها في الكشف التلقائي عن المحتوى الضار، خاصة مع تزايد تعقيد الهجمات الإلكترونية.
في خطوة استراتيجية تعزز توجه دولة الإمارات نحو ريادة التكنولوجيا المتقدمة، أطلقت مجموعة “جي42” الإماراتية، بالتعاون مع شركة “وورلد وايد تكنولوجي” الأمريكية (WWT)، شركة جديدة باسم Forge42، تُعنى بتسريع تطوير وتطبيق حلول الذكاء الاصطناعي عبر مختلف القطاعات الحيوية.
Forge42 الإماراتية نقطة انطلاق نحو ريادة عالمية في الذكاء الاصطناعي
تسعى Forge42 إلى أن تكون منصة شاملة لتصميم، وتجريب، وتوسيع نطاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مع تركيز خاص على دعم الابتكار الصناعي والتجاري في الدولة. وتهدف الشركة إلى تزويد السوق المحلي والعالمي بالبنية التحتية المتقدمة والأدوات المتخصصة اللازمة لتطوير حلول ذكاء اصطناعي تخدم قطاعات محورية مثل:
Forge42 الإماراتية نقطة انطلاق نحو ريادة عالمية في الذكاء الاصطناعي
هذه المبادرة تؤكد التزام الإمارات بتسريع التحول الرقمي وتعزيز موقعها في الاقتصاد الرقمي العالمي.
تسريع دمج الذكاء الاصطناعي في القطاعات الصناعية
تعمل Forge42 كمسرّع تقني متكامل، من خلال تمكين الشركات من تطوير النماذج الأولية لتقنيات الذكاء الاصطناعي، واختبارها، وتطبيقها بفعالية. كما تركز الشركة على تمكين المؤسسات الإماراتية من دمج أدوات الذكاء الاصطناعي ضمن عملياتها التجارية، ما يجعلها أكثر قدرة على المنافسة العالمية. وتكمن قوة Forge42 في قدرتها على تسريع الابتكار، وتحسين كفاءة التصنيع، وزيادة الإنتاجية، وتحويل الأفكار إلى منتجات قابلة للتسويق في وقت قياسي.
تمنح هذه الشراكات للشركة قدرة الوصول المباشر إلى تقنيات الحوسبة الحديثة، والبيانات الآمنة، والبنى التحتية ذات المعايير العالمية. ويقلل هذا التعاون من الاعتماد على مزودي الخدمات الخارجيين، مما يعزز من السيادة الرقمية للدولة، ويُسرّع تطوير حلول تقنية محلية ذات جودة عالمية.
تأثير إقليمي واسع ونموذج يُحتذى
يمثل إطلاق Forge42 نقطة تحول كبرى ليس فقط في الإمارات، بل في المنطقة ككل. فبإنشائها منظومة دعم متكاملة للابتكار في الذكاء الاصطناعي، تُمهّد الشركة الطريق أمام بيئة تجذب الاستثمارات والمواهب، وتدعم الشركات الناشئة. ويتوقع أن تسهم هذه المبادرة في رفع تنافسية الاقتصاد الإماراتي، كما ستصبح نموذجًا يُحتذى به لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الراغبة في بناء منظومة قوية للذكاء الاصطناعي.