تثير تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة مخاوف كبيرة حول العالم، خاصةً مع التطور السريع الذي شهدته هذه التقنية، والذي تجلى في ظهور أدوات مثل تشات جي بي تي التي أثارت جدلاً واسعاً. ويزداد التساؤل حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيصل يومًا إلى مستوى يتفوق فيه على العقل البشري، الأمر الذي قد يشكل تهديدًا محتملاً للبشرية.
الذكاء الاصطناعي الفائق هل يشكل تهديدًا حقيقيًا للبشرية
لم تكن المخاوف من قدرات الذكاء الاصطناعي حديثة، فقد بدأ النقاش بين العلماء والمختصين منذ أكثر من عقد من الزمن. في عام 2014، نشر الفيلسوف البريطاني نيك بوستروم كتابًا بعنوان “الذكاء الفائق: المسارات والمخاطر والاستراتيجيات”، حيث أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي المتقدم قد يصبح يومًا أكثر قدرة من البشر، مما يعزز المخاوف من احتمال سيطرته على العالم.
الذكاء الاصطناعي الفائق هل يشكل تهديدًا حقيقيًا للبشرية
تصريحات سام ألتمان وتحذيراته
نقل تقرير لموقع “ذا كونفيرزيشن” تصريح رئيس شركة OpenAI، سام ألتمان، الذي ذكر أن الذكاء الاصطناعي الفائق قد يكون قريباً، وربما يظهر في غضون “بضعة آلاف من الأيام”. وقد قام إيليا سوتسكيفر، الشريك المؤسس لـ OpenAI، بإنشاء فريق مختص للعمل على “الذكاء الفائق الآمن”، واستطاعوا جمع مليار دولار لإنشاء شركة ناشئة تتبنى هذا الهدف.
الذكاء الاصطناعي بين التقدم السريع والقيود الراهنة
في عام 2023، أشارت إحدى الأوراق البحثية إلى أن GPT-4 أظهر علامات على “الذكاء العام الاصطناعي”، لكن شركة Apple أوضحت في دراسة حديثة أن بعض نماذج الذكاء الاصطناعي، رغم قوتها، لا تزال تواجه صعوبات في حل مشكلات التفكير الرياضي الحقيقي، مما يوحي بأن مفهوم “الذكاء الفائق” قد لا يكون وشيكًا كما يعتقد البعض.
يشير الخبراء إلى أن التقدم السريع للذكاء الاصطناعي قد يستمر، بل وربما يتسارع مع استثمار شركات التقنية مئات المليارات في تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي. ووفقًا لتقرير موقع “ذا كونفيرزيشن”، فإن تحقيق الذكاء العام الفائق قد يصبح واقعًا في غضون عقدٍ من الزمن.
العديد من النجاحات الحديثة في الذكاء الاصطناعي تُعزى إلى تقنية “التعلم العميق”، التي تعتمد على إيجاد أنماط ارتباطية في مجموعات ضخمة من البيانات. وقد حصل جون هوبفيلد، وجيفري هينتون، المعروف بـ”عرّاب الذكاء الاصطناعي”، على جائزة نوبل في الفيزياء لاختراعهما الشبكات العصبية التي تُعد أساس تقنيات التعلم العميق المستخدمة حاليًا.
تظل التساؤلات قائمة حول مدى قدرة الذكاء الاصطناعي الفائق على الوصول إلى مرحلة التهديد الفعلي للبشرية، بين التفاؤل بما يتيحه من تطور، والمخاوف من مخاطره المحتملة.