يُحدث الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية في قطاع الأغذية، بدءًا من الزراعة والتخزين، وصولًا إلى الإنتاج والتغذية الشخصية. إذ تُظهر أحدث الابتكارات أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي يمكنها تحسين سلامة الغذاء وجودته، والمساهمة في تطوير أطعمة وظيفية مبتكرة، فضلًا عن تصميم حميات غذائية مخصصة تلائم احتياجات الأفراد الصحية.
الذكاء الاصطناعي يُعيد تشكيل مستقبل الغذاء سلامة أعلى وتغذية مخصصة وجودة محسّنة
تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن واحدًا من كل عشرة أشخاص يُصاب سنويًا بمرض بسبب الغذاء الملوث، مما يؤدي إلى قرابة 420 ألف وفاة سنويًا. وهنا يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا حاسمًا في رصد التلوث وتوقّعه بسرعة وبدقة أعلى من الطرق التقليدية.
الذكاء الاصطناعي يُعيد تشكيل مستقبل الغذاء سلامة أعلى وتغذية مخصصة وجودة محسّنة
مثال: طورت شركة Corbion نظامًا مدعومًا بالذكاء الاصطناعي يُدعى CLCM يحاكي ظروف التخزين البارد ويتنبأ بمخاطر التلوث في اللحوم الباردة والأجبان، مستندًا إلى تحليل عناصر مثل درجة الحموضة ونسبة الرطوبة والملح.
في الزراعة: تعتمد أنظمة مثل OPI من شركة Evja على مستشعرات ذكية تقدم بيانات لحظية عن رطوبة التربة والحرارة والمغذيات، مما يساعد على توقيت الري والتسميد للحد من نمو البكتيريا الضارة مثل السالمونيلا.
في النقل والتخزين: أنظمة مثل تلك التي طورتها FreshSens تراقب ظروف التخزين بواسطة مستشعرات متصلة بنماذج ذكاء اصطناعي، مما يقلل نسبة تلف الأغذية حتى 40% ويحد من الهدر الغذائي بشكل كبير.
الأطعمة الوظيفية: الذكاء الاصطناعي يسرّع تطوير الأغذية الصحية
مع تزايد انتشار الأمراض المزمنة المرتبطة بالنظام الغذائي مثل السمنة والسكري وأمراض القلب، يتزايد الاهتمام بتطوير ما يُعرف بـ “الأطعمة الوظيفية”—وهي منتجات غذائية تحتوي على مركّبات فعالة تقدم فوائد صحية موجهة.
تُقدّر قيمة سوق الأطعمة الوظيفية عالميًا بنحو 309 مليارات دولار بحلول عام 2027.
باستخدام الذكاء الاصطناعي، أصبحت الشركات قادرة على اكتشاف المركّبات المفيدة بسرعة أكبر. مثلًا، طورت شركة Brightseed منصة Forager، التي حللت أكثر من 700 ألف مركّب نباتي وحددت مركبات في الفلفل الأسود تعزز عملية حرق الدهون.
كما تُستخدم النماذج الذكية لمحاكاة تفاعل هذه المركبات أثناء التصنيع، ما يساعد في توقع الاستقرار الغذائي والطعم والعمر الافتراضي للمنتج، دون الحاجة إلى تجارب مختبرية مكلفة.
تغذية مخصصة: أنظمة غذائية مصممة حسب الجينات ونمط الحياة
من أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التغذية هو تقديم حميات شخصية دقيقة مبنية على تحليل البيانات الحيوية لكل فرد، مثل مستوى السكر في الدم، نشاطه البدني، ونمط حياته.
مثال: طوّرت شركة January AI تطبيقًا ذكيًا يُدعى January: Glucose Food Tracker، يُحلل صور الوجبات لتوقع تأثيرها في مستوى السكر في الدم، دون الحاجة لأجهزة طبية. يساعد التطبيق في اتخاذ قرارات غذائية واعية، وقد يساهم في اكتشاف حالات ما قبل السكري مبكرًا.
الذكاء الاصطناعي شريك أساسي في مستقبل غذائي أكثر أمانًا وصحة
من الوقاية من التلوث الغذائي وتقليل الفاقد، إلى تسريع تطوير أطعمة صحية ومخصصة، يثبت الذكاء الاصطناعي أنه أداة استراتيجية في تحسين جودة الغذاء وسلامته. ومع تسارع التطورات التقنية، يُتوقع أن يصبح دور الذكاء الاصطناعي أكثر تأثيرًا في دعم نمط حياة صحي ومستدام للأفراد والمجتمعات على حد سواء.