تخيل أن تبدأ يومك دون الحاجة إلى تصفح الأخبار، أو البحث عن أفضل عروض السفر، أو حتى التحقق من بريدك الإلكتروني. بدلاً من ذلك، يتولى الوكلاء الأذكياء هذه المهام نيابةً عنك، فينظم يومك، ويحجز رحلتك، ويختار لك أفضل العروض قبل حتى أن تحتسي قهوتك الصباحية.
الوكلاء الأذكياء ثورة رقمية تهدد هيمنة الإنترنت التقليدي
في مذكرة حديثة للمستثمرين، طرح محللا الإنترنت مارك شموليك ونيخيل ديفناني من شركة بيرنشتاين (Bernstein) تصورًا ثوريًا بأن وكلاء الذكاء الاصطناعي قد يُحدثون تحولًا جذريًا في طريقة استخدامنا للإنترنت. فبدلاً من تصفح المواقع والتطبيقات بأنفسنا، سنعتمد على وكلاء رقميين للقيام بهذه المهام نيابةً عنا.
الوكلاء الأذكياء ثورة رقمية تهدد هيمنة الإنترنت التقليدي
يشبه المحللون هؤلاء الوكلاء بالوسطاء الشاملين، حيث يقومون بجمع وتنظيم وتقديم المعلومات للمستخدم وفقًا لتفضيلاته الشخصية. وهذا لا يعني أن المواقع الإلكترونية والتطبيقات ستختفي، لكنها ستفقد دورها التقليدي لصالح أنظمة أكثر ذكاءً وكفاءةً.
لكن هذا التحول قد يؤدي إلى تغيير جذري في بنية الإنترنت، حيث من المتوقع أن تتأثر المنصات الكبرى التي تعتمد على تجميع المحتوى، مما قد يتسبب في انخفاض قيمتها السوقية بشكل كبير.
ثورة في تجربة السفر والتنقل
لنفترض أنك تسافر إلى دبي وتحتاج إلى وسيلة نقل للوصول إلى مكتبك في مركز دبي التجاري العالمي. في الوضع الحالي، ستفتح تطبيقًا مثل أوبر أو كريم، وتقارن الأسعار، وتختار وسيلة النقل الأنسب لك. لكن في المستقبل، سيقوم وكيل الذكاء الاصطناعي بكل ذلك نيابةً عنك، فيختار أسرع وأرخص وسيلة نقل دون أن تضطر حتى لفتح التطبيق.
هذا السيناريو يُبرز كيف أن وكلاء الذكاء الاصطناعي قد يجعلون خدمات النقل أكثر كفاءة، حيث سيتم توحيد الطلب بدلاً من التحكم في العرض كما تفعل الشركات الكبرى مثل أوبر. وهذا قد يعني أننا لن نحتاج حتى إلى فتح تطبيقات النقل بعد الآن، حيث سيتولى الوكلاء الذكاء الاصطناعي الاختيار بناءً على احتياجاتنا.
يرى المحللان شموليك وديفناني أن وكلاء الذكاء الاصطناعي قد يمثلون قمة التطور في العلاقة بين المستخدمين وشركات التكنولوجيا. فبدلاً من أن يتفاعل المستخدم مع المواقع والتطبيقات مباشرة، سيعتمد كليًا على وكيله الرقمي، مما يمنح الشركات المطورة لهذه التقنية نفوذًا كبيرًا على السوق.
وقد بدأت المنافسة بالفعل، حيث أطلقت OpenAI وكيلًا ذكيًا يسمى Operator، قادرًا على تصفح الويب وتنفيذ المهام نيابةً عن المستخدمين، مثل حجز الرحلات وشراء المنتجات. وبالمثل، كشفت جوجل عن مشروع مارينر (Project Mariner)، الذي يعتمد على نماذج Gemini لتنفيذ المهام تلقائيًا عبر متصفح كروم.
وفي خطوة مشابهة، أطلقت أنثروبيك (Anthropic) أداة Computer Use، التي تمكّن نموذجها Claude 3.5 Sonnet من التفاعل مع الكمبيوتر بطريقة تحاكي البشر، حيث يستطيع تصفح المواقع وإتمام عمليات الشراء بشكل مستقل.
أما الشركات الأخرى مثل Perplexity، فهي تعمل على تطوير أدوات منافسة تهدف إلى تعزيز دور وكلاء الذكاء الاصطناعي كحلقة وصل أساسية بين المستخدمين والإنترنت.
ما بعد وكلاء الذكاء الاصطناعي.. هل نحن أمام ثورة عصبية؟
في حين أن وكلاء الذكاء الاصطناعي يغيرون طريقة تفاعلنا مع الإنترنت، هناك تطورات أكثر طموحًا تلوح في الأفق. فمن بين هذه التطورات، مشروع نيورالينك (Neuralink) التابع لإيلون ماسك، الذي يهدف إلى تطوير شرائح إلكترونية تُزرع في الدماغ، مما يتيح تواصلًا مباشرًا بين الإنسان والآلة دون الحاجة إلى شاشات أو أجهزة تقليدية.
وقد تحدث مسؤولون في جوجل عن هذا المفهوم منذ سنوات، حيث أشار هال فاريان، كبير الاقتصاديين في الشركة، إلى أن البحث عبر الإنترنت قد ينتقل يومًا ما من الهواتف الذكية إلى شرائح مزروعة في الدماغ.
مع تزايد الاعتماد على وكلاء الذكاء الاصطناعي، فإن الطريقة التي نتفاعل بها مع الإنترنت على وشك أن تتغير جذريًا. هذه التطورات تحمل فرصًا هائلة لكنها في الوقت نفسه تمثل تحديًا كبيرًا لشركات التكنولوجيا التقليدية التي تعتمد على نماذج الأعمال القائمة على البحث والإعلانات.
لكن يبقى السؤال الأكبر: كيف يمكننا ضمان أن هذه التقنية تُستخدم لصالح البشرية، بدلاً من أن تصبح أداةً للسيطرة والاحتكار؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد مستقبل الإنترنت كما نعرفه.
تواجه شركة إنفيديا، الرائدة عالميًا في صناعة أشباه الموصلات، تحديات تصديرية جديدة بعد أن فرضت الحكومة الأميركية قيودًا غير متوقعة على رقائق H20 المُخصصة للذكاء الاصطناعي.
قيود أميركية جديدة تُربك خطط إنفيديا في السوق الصينية
قيود أميركية جديدة تُربك خطط إنفيديا في السوق الصينية
أعلنت إنفيديا، في ملف رسمي قُدم يوم الثلاثاء، أنها أُبلغت من قبل الحكومة الأميركية بضرورة الحصول على ترخيص خاص لتصدير رقائق H20 إلى الصين، وهو شرط ساري لأجل غير مسمى. وذكرت السلطات الأميركية أن السبب يعود إلى “خطر استخدام الرقاقة في حواسيب فائقة القدرات في الصين”، بحسب ما أورد موقع TechCrunch ونقلته “العربية Business”.
انخفاض في قيمة السهم وتوقعات بخسائر مالية
على إثر الإعلان، انخفض سهم إنفيديا بنحو 6% في جلسات التداول الممتدة. وتتوقع الشركة أن تصل الرسوم المرتبطة بهذه القيود إلى 5.5 مليار دولار في السنة المالية 2026، التي تنتهي في 27 أبريل.
تُعد رقاقة H20 واحدة من أكثر شرائح الذكاء الاصطناعي تطورًا التي يمكن تصديرها إلى الصين ضمن القيود الأميركية القائمة. وقد كشفت وكالة رويترز أن إنفيديا تلقت طلبات شراء بقيمة 18 مليار دولار منذ بداية العام على هذه الشريحة فقط، مما يُبرز أهميتها الاستراتيجية.
ذكرت شبكة NPR أن الرئيس التنفيذي لإنفيديا، جنسن هوانغ، حاول التفاوض لتخفيف القيود على H20 خلال لقاء خاص في منتجع “مار-إيه-لاغو” مع الرئيس السابق دونالد ترامب، مستعرضًا التزام الشركة بالاستثمار داخل أميركا.
وبالتزامن، أعلنت إنفيديا عن خطة لضخ مئات الملايين من الدولارات خلال السنوات الأربع القادمة لتصنيع شرائح AI محليًا، لكن الخبراء أشاروا إلى أن الإعلان جاء غامضًا من حيث التفاصيل التنفيذية.
تأتي هذه الإجراءات في أعقاب تقارير تشير إلى أن رقاقة H20 استُخدمت في تدريب نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة لشركات صينية، أبرزها شركة “ديب سيك” (DeepSeek)، التي طوّرت نموذج الاستدلال R1 – النموذج الذي أثار موجة من الجدل في سوق الذكاء الاصطناعي الأميركي في يناير الماضي.
في واحدة من أبرز القضايا المرتبطة بالتضليل في مجال التكنولوجيا الناشئة، وُجهت يوم الأربعاء تهمة الاحتيال على المستثمرين إلى ألبرت سانيغر، المؤسس والرئيس التنفيذي السابق لتطبيق “Nate”، الذي روّج نفسه كتجربة ثورية في عالم التسوق الإلكتروني باستخدام الذكاء الاصطناعي.
مؤسس تطبيق Nate يواجه اتهامات بالاحتيال في مشروع تسوّق مزعوم بالذكاء الاصطناعي
تأسست شركة “Nate” في عام 2018، واستطاعت جمع أكثر من 50 مليون دولار من المستثمرين، من بينها جولة تمويل من السلسلة A بقيمة 38 مليون دولار في عام 2021 بقيادة شركة Renegade Partners. كان الوعد الرئيسي للتطبيق هو تمكين المستخدمين من الشراء من أي متجر إلكتروني بنقرة واحدة فقط، بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي.
مؤسس تطبيق Nate يواجه اتهامات بالاحتيال في مشروع تسوّق مزعوم بالذكاء الاصطناعي
حقيقة صادمة: الاعتماد على البشر لا الآلة
لكن تقريرًا صدر عن وزارة العدل الأميركية كشف أن التطبيق لم يعتمد فعليًا على الذكاء الاصطناعي في تنفيذ عمليات الشراء، بل اعتمد بشكل كبير على مئات المتعاقدين من البشر في مركز اتصال في الفلبين لتنفيذ المهام يدويًا. وعلى الرغم من امتلاك الشركة لبعض تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوظيف متخصصين في البيانات، فإن معدل الأتمتة الحقيقي كان شبه معدوم.
سانيغر قدّم نفسه للمستثمرين على أن التطبيق يعمل بشكل مستقل دون تدخل بشري، باستثناء حالات نادرة. هذه الادعاءات ساعدته في جمع التمويلات، لكنها لم تكن سوى تضليل. وفي يناير 2023، نفدت أموال الشركة واضطرت لبيع أصولها، مما ألحق خسائر شبه كاملة بالمستثمرين، وفقًا للائحة الاتهام.
ليست هذه أول مرة يتم فيها الكشف عن هذه الفجوة بين الادعاءات والواقع؛ فقد تناولت صحيفة The Information عام 2022 الاعتماد المفرط للشركة على البشر في إتمام المعاملات، وهو ما يتناقض مع مزاعمها بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي.
تشير هذه القضية إلى نمط متكرر في بعض الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يتم تضخيم القدرات التقنية لاستقطاب المستثمرين. فقد كشف موقع The Verge عن شركة في الفلبين تعمل في مجال طلب السيارات عبر الذكاء الاصطناعي، لكنها تعتمد بشكل كبير على البشر. كما أفاد موقع Business Insider بأن شركة “EvenUp” القانونية تعتمد هي الأخرى على العنصر البشري في معظم مهامها.
كشفت شركة الأمن السيبراني “كاسبرسكي” عن ظهور نسخة مطورة من برمجية حصان طروادة الشهيرة تريادا (Triada)، حيث تم اكتشافها مثبتة مسبقًا في هواتف أندرويد مقلّدة تُباع عبر قنوات غير رسمية، ما يمثل تهديدًا بالغ الخطورة لسلسلة التوريد العالمية.
تهديد خفي في الأجهزة المزيفة برمجية تريادا تهاجم من أعماق نظام أندرويد
تهديد خفي في الأجهزة المزيفة برمجية تريادا تهاجم من أعماق نظام أندرويد
ما يجعل هذه النسخة من “تريادا” أكثر خطورة هو أنها مزروعة داخل البرامج الثابتة (Firmware) الخاصة بالأجهزة – أي في المستوى البرمجي الأساسي الذي يتحكم في تشغيل الهاتف – مما يمنح المهاجمين تحكمًا شبه كامل وغير مرئي بالجهاز المصاب، حتى قبل أن يصل إلى يد المستخدم.
ووفقًا لكاسبرسكي، فقد تأثرت بهذه الهجمات أكثر من 2,600 جهاز في مختلف دول العالم، وما زال العدد مرشحًا للارتفاع.
“تُعد هذه النسخة من تريادا من أكثر التهديدات تطورًا على نظام أندرويد، حيث تصل إلى الجهاز على مستوى البرامج الثابتة، مما يُشير إلى اختراق خطير في سلسلة التوريد الخاصة بتلك الهواتف المقلدة.”
ووفقًا لتحليلات المصدر المفتوح، نجح المهاجمون في تحويل ما يزيد عن 270 ألف دولار من العملات الرقمية المشفرة إلى محافظهم الخاصة، مع الإشارة إلى أن الخسائر الفعلية قد تكون أعلى بكثير بسبب استخدام عملات يصعب تتبعها مثل “مونيرو”.
التسمية والتاريخ: من ظهورها الأول إلى تطورها المعقد
أطلقت كاسبرسكي على النسخة الجديدة اسم Backdoor.AndroidOS.Triada.z وتعود جذور هذه البرمجية إلى عام 2016، حيث كانت تستغل صلاحيات النظام للوصول إلى الرسائل النصية وسرقة رموز المصادقة الثنائية. ومنذ ذلك الحين، شهدت “تريادا” تطورًا تقنيًا جعل اكتشافها وإزالتها أكثر صعوبة.
الاختراق الأخير يُعد تصعيدًا غير مسبوق، إذ يشير إلى زراعة برمجيات خبيثة داخل الأجهزة أثناء مرحلة التصنيع، قبل وصولها للمستخدمين، ما يطرح تحديات أمنية هائلة تتعلق بثقة المستهلك وسلامة سلسلة التوريد.