في خضم توترات تجارية متصاعدة بين الصين والولايات المتحدة، أطلقت كبرى الشركات التقنية الصينية سلسلة من المبادرات الواسعة لمواجهة الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة، ساعية إلى إعادة توجيه تركيزها نحو السوق المحلية وتقوية الاقتصاد الصيني من الداخل.
تصعيد تجاري يربك السوق العالمي شركات التقنية الصينية تواجه التعريفات الأمريكية
تسبب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 34% على غالبية الواردات الصينية مطلع أبريل، في إشعال فتيل مواجهة اقتصادية شاملة. وردت الصين بفرض رسوم أعلى وصلت إلى 125% على السلع الأمريكية، مما رفع إجمالي التعريفات على المنتجات الصينية إلى 145%، وهو ما يُنذر بشلل شبه تام في حركة التجارة بين أكبر اقتصادين عالميين.
تصعيد تجاري يربك السوق العالمي شركات التقنية الصينية تواجه التعريفات الأمريكية
تحركات غير مسبوقة من عمالقة التجارة الصينية
أعلنت مجموعة علي بابا عن تشكيل فريق خاص لمساعدة المصدّرين في أكثر من عشر مقاطعات، مع التزام منصتي “تاوباو” و”تي مول” التابعتين لها بتحسين الظهور في نتائج البحث ومنح عمولات أعلى لنحو 10 آلاف مُصدّر لتسويق 100 ألف منتج داخل الصين.
وفي السياق ذاته، كشفت شركة جيه دي.كوم عن تأسيس صندوق بقيمة 200 مليار يوان (حوالي 27.5 مليار دولار) مخصص لشراء منتجات من المُصدرين المحليين خلال العام المقبل.
استثمارات مليارية لتعويض الأسواق الأمريكية
بيندودو، الشركة المالكة لمنصة “تيمو”، تعهدت باستثمار 100 مليار يوان (نحو 13.7 مليار دولار) لدعم التجار المحليين المتضررين من الأزمة، في وقت أعلنت فيه شركات أخرى مثل تينسنت (مالكة WeChat) وبايت دانس (مالكة تيك توك) عن برامج مشابهة لتعزيز السوق المحلية.
أما شركة بايدو، فقد أعلنت عن مبادرة تتيح لمليون شركة إمكانية الإعلان عن منتجاتها عبر البث المباشر باستخدام شخصيات افتراضية مدعومة بالذكاء الاصطناعي مجانًا، فيما خصصت شركة النقل العملاقة ديدي ملياري يوان لتعزيز التوظيف وتحفيز الاستهلاك المحلي، بالإضافة إلى دعم الشركات المُصنّعة في التوسع خارجياً.
وبحسب ما نقلته صحيفة فايننشال تايمز عن محللين صينيين، فإن هذه التحركات تأتي مدفوعة بـ”حس سياسي مرتفع” لدى الشركات، دون الحاجة إلى تدخل حكومي مباشر، ما يعكس التزامًا غير معلن بدعم المصلحة الوطنية في وقت الأزمة.
يُشار إلى أن الرئيس الصيني شي جين بينغ التقى في فبراير الماضي نخبة من رجال الأعمال المؤثرين، مثل جاك ما (مؤسس علي بابا) وبوني ما (رئيس تينسنت)، في خطوة اعتُبرت مؤشرًا على تحسن العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص.
وتُشير التقديرات إلى أن الصين تتجه نحو تكثيف دعمها للمنتجات الوطنية، سواء عبر حملات شراء قومية أو من خلال تدخلات “الفريق الوطني” الذي يضم صناديق استثمار وشركات حكومية لشراء الأسهم ودعم الأسواق المحلية.