في تحول جذري بمشهد التكنولوجيا، بدأت خوارزميات الذكاء الاصطناعي تفرض سيطرتها تدريجياً على قطاع البحث الإلكتروني، مهددة عرش “غوغل” الذي ظلّ متربعًا لعقود. لم يعد المستخدم بحاجة إلى كتابة استفساراته التقليدية في شريط بحث، بل باتت روبوتات الدردشة التفاعلية تقدم بدائل أكثر ذكاء وخصوصية.
ثورة الذكاء الاصطناعي تُعيد رسم خارطة البحث الرقمي هل اقترب أفول عهد غوغل
شركات تقنية كبرى مثل “OpenAI”، و”Perplexity”، وحتى “غوغل” نفسها، دخلت سباق تطوير أدوات بحث مدعومة بالذكاء الاصطناعي، بعضها مزوّد بمتصفحات ويب مدمجة، ما يتيح للمستخدم تجربة بحث تفاعلية تفوق النمط التقليدي من حيث السرعة والدقة.
ثورة الذكاء الاصطناعي تُعيد رسم خارطة البحث الرقمي هل اقترب أفول عهد غوغل
نمو استثنائي في سوق الروبوتات الذكية
شهدت روبوتات الدردشة تطورًا مذهلاً في فترة قصيرة، إذ بلغت قيمة السوق العالمي لها في عام 2024 نحو 7.76 مليار دولار، مع توقّعات بنمو سنوي يفوق 20% حتى عام 2030. ووفقًا للبيانات، زادت زيارات المستخدمين لهذه الخدمات بنسبة تفوق 250% خلال عام واحد فقط، مدفوعة بعوامل مثل دقة الإجابات، والقدرة على التفاعل البشري، وتخصيص الردود حسب السياق.
هيمنة “غوغل” مستمرة.. ولكن إلى متى؟
رغم صعود الذكاء الاصطناعي، ما تزال محركات البحث تحتفظ بصدارتها من حيث عدد الزيارات اليومية، حيث سجّلت في مارس 2025 قرابة 5.5 مليار زيارة يوميًا، مقابل 233.1 مليون فقط لروبوتات الدردشة. “غوغل” تحتفظ بحصة سوقية تقارب 90%، لكنها تواجه ضغوطًا متزايدة بسبب دعاوى الاحتكار واحتمالات تفكيك بعض خدماتها.
أظهرت دراسة أن 88% من المستخدمين جرّبوا روبوتات الذكاء الاصطناعي، لكن 35% فقط استخدموها بدلاً عن محركات البحث في عام 2023. كما أن “بحث غوغل” لا يزال يتلقى استفسارات أكثر بـ373 مرة من “شات جي بي تي”، ما يعكس الفجوة في الاعتماد بين النظامين.
ما تزال محركات البحث تتمتع بأفضلية في تقديم نتائج متعددة مع إمكانية المقارنة، إضافة إلى شفافية عرض المصادر، وهي مزايا تجعل منها خيارًا أساسيًا للبحوث المعمقة. من جانبها، تواجه روبوتات الدردشة تحديات أبرزها ما يعرف بـ”الهلوسات المعلوماتية”، حيث تقدم أحيانًا معلومات غير دقيقة أو مختلقة.
المستقبل لا يبدو متجهاً نحو صراع بين محركات البحث والذكاء الاصطناعي، بل إلى تكامل يُعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والمعلومة. روبوتات الدردشة ستُستخدم للحصول على إجابات سريعة ومخصصة، في حين تظل محركات البحث المرجع الأول للبحث الموسّع والتحقق من المصادر.