طوّر باحثون من جامعة سيدني للتكنولوجيا (UTS) خوارزمية ذكاء اصطناعي جديدة تُدعى (Torque Clustering)، تحقق قفزة نوعية في مجال التعلم غير الخاضع للإشراف – وهو أحد أكثر المجالات الواعدة في الذكاء الاصطناعي. وعلى عكس الأساليب التقليدية التي تتطلب إشرافًا بشريًا، تستطيع هذه الخوارزمية تحديد الأنماط والعلاقات داخل البيانات دون الحاجة إلى تصنيفها مسبقًا، مما يجعلها أكثر كفاءة وقابلة للتطوير. وقد أظهرت دقة استثنائية بلغت 97.7% متفوقة على الخوارزميات الحالية في المجال.
ثورة في الذكاء الاصطناعي خوارزمية جديدة تتعلم كما يفعل البشر
التعلم غير الخاضع للإشراف يتيح للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات واكتشاف الأنماط تلقائيًا، دون تدخل بشري، على عكس التعلم الخاضع للإشراف الذي يتطلب إدخال بيانات مصنفة مسبقًا.
ثورة في الذكاء الاصطناعي خوارزمية جديدة تتعلم كما يفعل البشر
هذا النهج يجعله أكثر فعالية في تحليل كميات ضخمة من البيانات غير المصنفة، وهي مهمة صعبة على البشر. ويُستخدم بشكل واسع في مجالات مثل تحليل الجينات، الأمن السيبراني، والتمويل.
خوارزمية مستوحاة من الفيزياء
استلهم الباحثون خوارزمية (Torque Clustering) من مفهوم عزم الدوران في الفيزياء. تعمل الفكرة على مبدأ أن الكتل الكبيرة تجذب الكتل الأصغر، تمامًا كما تتجمع البيانات المتشابهة معًا بشكل طبيعي.
وقال البروفيسور تشين تنج لين من (UTS): “الحيوانات تتعلم من خلال مراقبة البيئة والتفاعل معها دون تعليمات مباشرة. يهدف هذا الجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي إلى محاكاة هذا الأسلوب الطبيعي في التعلم.”
وأضاف أن معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية تعتمد على التعلم الخاضع للإشراف، وهي عملية مكلفة وتستغرق وقتًا طويلًا. بينما يعمل التعلم غير الخاضع للإشراف بطريقة مستقلة، مما يجعله أكثر كفاءة وقابلية للتوسع.
نشرت جامعة سيدني تفاصيل الخوارزمية في دورية (IEEE Transactions on Pattern Analysis and Machine Intelligence)، وهي من أبرز المجلات في مجال الذكاء الاصطناعي.
وقد خضعت الخوارزمية لاختبارات مكثفة على أكثر من 1000 مجموعة بيانات متنوعة، محققة: دقة 97.7% وفق مقياس (AMI) – الذي يقيس جودة تجميع البيانات. تفوقت على الخوارزميات المنافسة التي لم تتجاوز دقة 80%. مستقلة تمامًا عن المعايير اليدوية، مما يجعلها أكثر كفاءة في تحليل البيانات الضخمة.
وقال الدكتور جيه يانج، المؤلف الرئيسي للبحث: “استوحينا الخوارزمية من توازن عزم الدوران، وهي خاصية تُلاحظ أثناء اندماج المجرات، مما يجعلها قادرة على تحليل البيانات المتنوعة بدقة غير مسبوقة.”
تمتلك خوارزمية (Torque Clustering) إمكانات هائلة في مجالات متعددة، منها:
العلوم الطبية: تحليل الجينات وتوقع انتشار الأمراض. الكيمياء: فهم التفاعلات الكيميائية وتطوير مواد جديدة. التمويل: كشف الأنشطة الاحتيالية وتحليل الأسواق المالية. علم الفلك: اكتشاف أنماط غير معروفة في الكون. الأمن السيبراني: رصد التهديدات المحتملة وتحليل البيانات الضخمة.
إمكانات هائلة في تطوير الذكاء الاصطناعي العام
إلى جانب استخداماتها المتعددة، قد تساهم هذه الخوارزمية في تطوير الذكاء الاصطناعي العام، الذي يسعى إلى إنشاء أنظمة ذكية قادرة على التعلم الذاتي والتكيف مع البيئات المختلفة، من خلال:
تحسين قدرات الروبوتات على الحركة الذكية والتفاعل مع البيئة. تعزيز التحكم الذاتي في الأنظمة المستقلة، مثل السيارات ذاتية القيادة. تحليل البيانات لاتخاذ قرارات أكثر دقة في مجالات مثل الطب والتمويل.
وقال الدكتور يانج: “بعد حصول جائزة نوبل في الفيزياء على أبحاث التعلم العميق، نعتقد أن تقنيات التعلم غير الخاضع للإشراف، مثل Torque Clustering، ستمثل الخطوة التالية في ثورة الذكاء الاصطناعي.”
إتاحة الكود المصدري للبحث العلمي
في خطوة تعزز التعاون العلمي، قام الباحثون بإتاحة الكود المصدري للخوارزمية، مما يسمح للمجتمع العلمي بتطويرها وتوسيع نطاق تطبيقاتها في مختلف المجالات.