في خطوة مبتكرة تمثل قفزة نوعية في مجال الذكاء الاصطناعي، طوّر باحثون نظامًا جديدًا يُعرف باسم RHyME، يمكّن الروبوتات من تعلّم المهام المعقدة من خلال مشاهدة مقطع فيديو واحد فقط، ما يُعزز من قدرتها على أداء المهام والتكيف مع البيئات المختلفة بكفاءة تفوق 50% مقارنة بالأساليب التقليدية.
ثورة في تعليم الروبوتات نظام ذكاء اصطناعي يُعلّمها من فيديو واحد فقط
نظام RHyME، وهو اختصار لعبارة Retrieval for Hybrid Imitation under Mismatched Execution، يعتمد على ثلاث آليات رئيسية:
ثورة في تعليم الروبوتات نظام ذكاء اصطناعي يُعلّمها من فيديو واحد فقط
الاسترجاع (Retrieval): اختيار مقاطع فيديو من مكتبة تعليمية تضم أمثلة حقيقية لأشخاص يؤدون مهامًا متنوعة.
المحاكاة الهجينة (Hybrid Imitation): دمج بين تقليد سلوك الإنسان والتكيف الذكي مع قدرات الروبوت الفعلية.
التنفيذ غير المتطابق (Mismatched Execution): التعامل مع الفجوة بين القدرات البشرية والآلية عند تطبيق المهام.
هذا النموذج يختلف جذريًا عن النماذج السابقة التي كانت تتطلب كمية ضخمة من البيانات وخطوات تعليمية معقدة، حيث يتمكن RHyME من تحويل مهمة بشرية إلى تصرف آلي قابل للتنفيذ بشكل فعّال.
من التلقين إلى الاستلهام الذكي
تقليديًا، تعتمد الروبوتات على تعليمات مفصلة وخطوات محددة لأداء أبسط المهام، وتتوقف غالبًا عند مواجهة مواقف غير متوقعة. أما RHyME، فيُقلل من هذه الاعتمادية، ويتيح للروبوتات استخدام ذاكرتها المرئية وربط المعلومات ببعضها لتنفيذ المهام التي شاهدتها لمرة واحدة فقط.
فعلى سبيل المثال، إذا شاهد الروبوت شخصًا يلتقط كوبًا من على طاولة ويضعه في مكان آخر، فبوسعه الرجوع إلى مقاطع مماثلة في ذاكرته وتحليل الحركات لأداء المهمة بشكل مشابه، حتى وإن اختلفت التفاصيل أو البيئة.
يؤكد الباحثون أن استخدام RHyME في تدريب الروبوتات يُقلل بشكل كبير من الوقت والتكاليف المرتبطة بجمع البيانات، كما يسرّع من عملية التعلّم، ما يفتح الباب أمام تطوير مساعدين آليين أكثر ذكاءً ومرونة في البيئات اليومية.
وأوضح Kushal Kedia، أحد مؤلفي الورقة البحثية، أن البشر لا يحتاجون إلى تكرار التجربة مرات عديدة لتعلم مهمة ما، بل يراقبون ويستخلصون النتائج، وهو ما يحاكيه هذا النظام الجديد.
أما الباحث الرئيسي Sanjiban Choudhury فشبّه النظام بعملية “الترجمة”، حيث يتم تحويل التصرفات البشرية إلى حركات آلية قابلة للتنفيذ، حتى في حال وجود اختلاف بين الجسد البشري وهيكل الروبوت.
قبل ابتكار RHyME، كان تدريب الروبوتات عبر مقاطع الفيديو يواجه عدة صعوبات، أبرزها الحاجة إلى تنفيذ المهام بطريقة بطيئة ودقيقة جدًا، إضافة إلى أن أي اختلاف بسيط في الحركة بين الإنسان والروبوت كان يُفشل عملية التعلم.
لكن RHyME نجح في التغلب على هذا التحدي من خلال استراتيجيات تعلم تعتمد على التكيّف لا التقليد الحرفي، وهو ما جعله نظامًا قابلًا للتوسّع يُسهم في تطوير الروبوتات لتكون أكثر فاعلية واستقلالية.
يُعد نظام RHyME نقلة نوعية في مجال “التعلم عبر المحاكاة”، حيث يمكّن الروبوتات من تعلم تسلسل المهام المعقدة بمرونة وكفاءة، ما يؤهلها للاندماج في حياتنا اليومية كمساعدين موثوقين. ومع التحسن الملحوظ في الأداء الذي فاق 50%، تقترب الروبوتات أكثر من أن تصبح جزءًا أساسيًا من منظومات العمل والخدمات المنزلية في المستقبل القريب.