شهد العالم مؤخر عطل تقني معلوماتي ضخم أدى إلى آثار اقتصادية جسيمة وبدأ هذا العطل يوم الجمعة 19 يوليو 2024 مما أظهر الحاجة الملحة لتحسين استجابة الطوارئ الرقمية بعد أن أثار أزمة ثقة في الأنظمة الإلكترونية العالمية.
وتأثرت العديد من الشركات الكبرى في مختلف المجالات من الولايات المتحدة إلى أوروبا وأستراليا مما تسبب في فوضى في المطارات والمصارف والمستشفيات وغيرها من القطاعات الحيوية.
السبب الرئيسي وراء عطل تقني
كان السبب وراء العطل التقني تحديث مَعطوب لأنظمة تشغيل مايكروسوفت ويندوز أصدرته شركة كراود سترايك للأمن السيبراني والتي نفت فرضية الهجوم الإلكتروني أو حدوث مشكلة أمنية كما أشار الخبراء إلى أن التحديث الخاطئ لبرنامج فالكون سينسر تسبب في ظهور شاشة الموت الزرقاء على ملايين الأجهزة مما أدى إلى تعطيل عمليات الشركات والمؤسسات.
وبحسب الخبراء كانت الآثار الاقتصادية للعطل كبيرة للغاية حيث تأثر 8.5 مليون جهاز حول العالم بالتحديث وفقا لمايكروسوفت وتشير التقديرات إلى أن الخسائر المباشرة تتراوح بين 200 إلى 300 مليار دولار خلال 24 ساعة كما شهدت الأسواق الآسيوية انخفاض في رؤوس الأموال بنسبة 0.7%.
القطاعات الأكثر تضرر نتيجة عطل تقني
كان القطاع الجوي من أكثر القطاعات تضرر حيث توقفت أنظمة الحجز وتسجيل الدخول في المطارات مما أدى إلى تأخير وإلغاء العديد من الرحلات وعلى سبيل المثال توقف مطار لاغوارديا في نيويورك عن تشغيل أنظمة الأمتعة بشكل كامل مما أثر على عمليات الطيران وتسبب في خسائر مالية ضخمة لشركات الطيران وتضرر تجربة المسافرين.
ووفقا لشركة سيريوم لتحليلات الطيران من بين أكثر من 110 آلاف رحلة تجارية مجدولة تم إلغاء 5 آلاف رحلة وتقدر فاتورة الخسائر الناجمة عن تعطل المطارات وشركات الطيران الكبرى بمبلغ 70 مليار دولار.
لم يكن القطاع المالي بمنأى عن هذه الأزمة حيث توقفت أنظمة المعاملات الإلكترونية وتعرضت العمليات المالية للشلل كما واجهت البنوك التي تعتمد على أنظمة كراود سترايك تحديات في استعادة خدماتها بسرعة مما أدى إلى خسائر مالية كبيرة وفقدان الثقة بين العملاء.
تأثر قطاع الرعاية الصحية أيضا حيث تعطلت أنظمة المستشفيات والمراكز الطبية التي تعتمد على التكنولوجيا الرقمية مما أثر على تقديم الرعاية الطبية العاجلة وإدارة العمليات الجراحية وتشير التقديرات إلى أن إجمالي فاتورة الأضرار في الولايات المتحدة وحدها قد تتجاوز 7 مليارات دولار في اليوم الواحد.
التحديات المستقبلية والمسؤولية نتيجة عطل تقني
أشار الخبراء إلى أن الانعكاسات الأشد خطورة هي التأثيرات غير المباشرة التي قد تستمر مستقبل مع مخاوف من حدوث انتكاسة مماثلة مما يفقد الثقة في المنظومة الإلكترونية العالمية كما تواجه الشركات الآن تحديات في تعويض الخسائر والمسؤولية الأساسية تقع على عاتق الشركة المزودة للخدمة لتعويض العملاء المتضررين وتلعب شركات التأمين السيبراني دور في تغطية جزء من الخسائر اعتماد على الشروط والبنود الخاصة بكل عقد تأمين.
تصريحات كراود سترايك والإجراءات المتخذة نتيجة عطل تقني
أصدرت شركة كراود سترايك بيان يوم السبت أكدت فيه أن التحديث الذي أصدرته ليل الخميس تسبب في تعطل النظام وظهور شاشة الموت الزرقاء وقدمت برمجية لإصلاح المشكلة واعتذر رئيسها جورج كورتس من المتضررين.
وهذا الحدث يبرز الحاجة الملحة لتعزيز الأمان السيبراني وتحسين إجراءات الاستجابة للطوارئ الرقمية لمنع حدوث كوارث مماثلة في المستقبل كما تحتاج الشركات إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية التكنولوجية وتدريب الموظفين لضمان استمرارية الأعمال في حالات الطوارئ السيبرانية.