في ظل التنافس المحتدم بين الشركات التقنية الكبرى، أطلقت جوجل ميزة ملخصات الذكاء الاصطناعي (AI Overviews) في مايو 2023، والتي أحدثت تحولًا جذريًا في تجربة البحث عبر الإنترنت. تهدف هذه الميزة إلى تزويد المستخدمين بإجابات موجزة ودقيقة، مستخلصة من مصادر متعددة، بدلاً من الاعتماد على عرض روابط تقليدية لمواقع الويب.
ملخصات الذكاء الاصطناعي من جوجل نقلة نوعية أم تهديد للمحتوى الرقمي
تظهر “ملخصات الذكاء الاصطناعي” في أعلى نتائج البحث، ما يمنح المستخدمين رؤية سريعة للمعلومات المطلوبة دون الحاجة إلى تصفح عدة مواقع. وقد بدأت جوجل بطرح الميزة تدريجيًا، حيث كانت متاحة في البداية للمستخدمين داخل الولايات المتحدة، قبل أن تتوسع لاحقًا لتشمل أكثر من 100 دولة بحلول نهاية عام 2024.
ملخصات الذكاء الاصطناعي من جوجل نقلة نوعية أم تهديد للمحتوى الرقمي
وفي مارس 2025، أعلنت جوجل أن الميزة أصبحت متاحة عالميًا لجميع المستخدمين، حتى لمن لم يسجلوا الدخول إلى حساباتهم، مما يعكس سعيها لتقديم تجربة بحث أكثر تكاملًا وسهولة.
المنافسة في سوق البحث المدعوم بالذكاء الاصطناعي
جاء إطلاق AI Overviews في سياق المنافسة القوية بين جوجل ومنافسيها في مجال البحث المدعوم بالذكاء الاصطناعي، مثل “SearchGPT” من OpenAI و**”Deep Search” من مايكروسوفت**، وكلاهما يعتمد على نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي. كما أن انتشار روبوتات المحادثة الذكية مثل ChatGPT وCopilot وGemini يعزز أهمية استثمار جوجل في هذه التقنيات للحفاظ على ريادتها في سوق البحث الرقمي.
قلق الشركات والمعلنين الرقميين
أثار إطلاق هذه الميزة مخاوف بين مشغلي المواقع الإلكترونية والمعلنين، حيث يخشى البعض من انخفاض عدد الزيارات إلى المواقع، بسبب تقديم إجابات مباشرة للمستخدمين دون الحاجة للنقر على الروابط التقليدية. كما أن هذا التغيير قد يؤثر في صناعة الإعلانات الرقمية التي تعتمد بشكل كبير على زيارات المستخدمين.
أجرى فريق بحثي من مختبر Tech3Lab بجامعة HEC Montréal دراسة مكثفة لتحليل تأثير “ملخصات الذكاء الاصطناعي” على سلوك المستخدمين. شملت الدراسة أربع سيناريوهات بحثية، حيث تم قياس:
أظهرت النتائج أن ميزة AI Overviews لم تؤثر بشكل كبير على معدلات النقر على الروابط أو على تصورات المستخدمين حول جودة نتائج البحث. كما لم تقلل من تفاعل المستخدمين مع قائمة النتائج التقليدية، مما يشير إلى أن التأثير الفوري للميزة على حركة المرور لمواقع الويب قد يكون محدودًا، لكنه قد يتغير مع مرور الوقت وتزايد اعتماد المستخدمين على هذه الميزة.
تؤكد هذه التطورات أن سوق البحث الرقمي سيظل في حالة تغير مستمر، حيث تواصل جوجل تطوير ميزات جديدة، مثل “وضع الذكاء الاصطناعي” (AI Mode)، الذي يضيف روبوت محادثة متكاملًا إلى البحث. ومع استمرار المنافسة بين جوجل ومايكروسوفت وغيرهما، من المتوقع أن تتطور تقنيات البحث لتصبح أكثر ذكاءً وتفاعلاً مع احتياجات المستخدمين.
تشكل “ملخصات الذكاء الاصطناعي” من جوجل خطوة كبيرة نحو تحسين تجربة البحث، لكنها تثير في الوقت ذاته تحديات جديدة أمام مشغلي المواقع والمعلنين الرقميين. وبينما تشير الدراسات الأولية إلى أن التأثير الفوري لهذه الميزة قد يكون محدودًا، إلا أن التحولات المستقبلية في سلوك المستخدمين قد تعيد رسم مشهد البحث الرقمي في السنوات القادمة.
في خطوة علمية جديدة، كشفت دراسة حديثة عن إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي لتشخيص اضطراب التوحد من خلال تحليل حركات اليد البسيطة، مثل الإمساك بالأشياء باستخدام الإبهام والسبابة. وتعكس هذه الحركات اليومية دلائل دقيقة على طريقة عمل الدماغ، ويمكن استغلالها لتقديم تشخيص مبكر وفعال.
الذكاء الاصطناعي يرصد التوحد عبر حركات اليد تقنية مبتكرة بدقة 89%
أُجريت الدراسة في جامعة يورك البريطانية بالتعاون مع عدد من المؤسسات البحثية، حيث شارك فيها 59 شابًا وشابة. طُلب من المشاركين الإمساك بأجسام مستطيلة باستخدام إصبعي الإبهام والسبابة، بينما كانت مستشعرات صغيرة مثبتة على الإصبعين ترصد أكثر من 12 سمة حركية، منها:
الذكاء الاصطناعي يرصد التوحد عبر حركات اليد تقنية مبتكرة بدقة 89%
هذه البيانات أُضيفت إلى خمسة نماذج من التعلم الآلي، وحققت التقنية أعلى دقة بلغت 89% في التمييز بين المصابين بالتوحد وغير المصابين، في حين لم تقل دقة أي نموذج عن 84%.
ما يميز هذه الطريقة هو اعتمادها على حركات يومية بسيطة، ما يجعلها بديلاً واعدًا للفحوصات الدماغية المكلفة أو الجلسات التشخيصية الطويلة. فبمساعدة مستشعرين فقط وخوارزميات ذكاء اصطناعي متقدمة، قد يتمكن الأطباء من تقديم تشخيص مبكر للتوحد بطريقة أسرع وأسهل وأكثر دقة.
ورغم النتائج المشجعة، فإن الدراسة ركزت على شريحة من الشباب ذوي الذكاء الطبيعي، لذلك تبقى هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات التي تشمل الأطفال، وهم الفئة الأساسية التي يستهدفها التشخيص المبكر للتوحد. كما يعمل الباحثون على اختبار قدرة التقنية على التمييز بين الأنماط المختلفة للتوحد وتقييم تطبيقها العملي في البيئات المدرسية والعيادات.
أجرت شركة ميلوير بايتس المتخصصة في برامج مكافحة الفيروسات، سلسلة اختبارات أظهرت قدرات متقدمة لمنصات محادثات الذكاء الاصطناعي، مثل شات جي بي تي، في تحديد الموقع الجغرافي للمستخدمين بناءً على صور مجردة لا تحتوي على أي بيانات وصفية واضحة.
الذكاء الاصطناعي يتجاوز التوقعات تحديد المواقع من صور غامضة وإنتاج فيديوهات يصعب كشف تزييفها
الذكاء الاصطناعي يتجاوز التوقعات تحديد المواقع من صور غامضة وإنتاج فيديوهات يصعب كشف تزييفها
أفادت شركة “ميلوير بايتس” أن عناصر غير متوقعة مثل عربة تحمل شعار شركة معروفة، أو طائر موطنه الأصلي منطقة معينة، قد تكون كافية لاستنتاج الموقع الجغرافي الذي تم فيه التقاط الصورة.
وأكدت أن هذه القدرات تثير مخاوف حقيقية بشأن الخصوصية الرقمية، خاصة مع تطور إمكانيات الذكاء الاصطناعي في رصد وتحليل الخلفيات والعناصر الدقيقة داخل الصور.
في تطور آخر لا يقل خطورة، كشفت دراسة حديثة أجراها معهد فراونهوفر هاينريش هيرتز بالتعاون مع جامعة هومبولت في برلين، أن تقنيات الذكاء الاصطناعي وصلت إلى مستوى يسمح بإنشاء مقاطع فيديو مزيفة تتضمن ما يشبه نبضات قلب بشرية، مما يجعل عملية كشف التزييف أكثر تعقيدًا من ذي قبل.
في السابق، كانت بعض التفاصيل البيولوجية، مثل تذبذب تدفق الدم أو نبضات القلب الدقيقة، تُستخدم لاكتشاف مقاطع الفيديو المُزيفة. ولكن التطورات الجديدة جعلت هذه الإشارات تُضاف بطريقة يصعب تمييزها عن الواقع.
رغم التحديات، يرى الباحثون أن هناك طرقًا واعدة لمواكبة هذه الموجة من التزييف المتقن. أحد أبرز هذه الطرق يتمثل في تحليل التوزيع المكاني لتدفق الدم ومدى منطقيته في الصورة، وهو ما قد يوفر مؤشرات أكثر دقة للكشف عن مقاطع الفيديو المزيفة عالية الجودة.
في خطوة واعدة نحو تعزيز جودة التعليم ودعم الأطفال الذين يواجهون صعوبات تعلم، طوّر باحثون أداة ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل خط اليد لدى الأطفال، بهدف الكشف المبكر عن اضطرابات مثل عُسر الكتابة (Dysgraphia) وعُسر القراءة (Dyslexia).
الذكاء الاصطناعي يُحدث نقلة نوعية في الكشف المبكر عن صعوبات التعلم لدى الأطفال
أجريت الدراسة في جامعة بوفالو الأمريكية، وتناولت تحليل خط اليد لطلاب من المرحلة الابتدائية (من رياض الأطفال حتى الصف الخامس)، باستخدام أداة ذكاء اصطناعي قادرة على التقاط مؤشرات دقيقة تعكس وجود مشكلات في تشكيل الحروف، التهجئة، وتنسيق الكتابة.
الذكاء الاصطناعي يُحدث نقلة نوعية في الكشف المبكر عن صعوبات التعلم لدى الأطفال
وقد نُشرت نتائج الدراسة في مجلة SN Computer Science، مشيرة إلى أن هذه الأداة تمثل بديلًا عمليًا وأكثر كفاءة من الأساليب التقليدية المعتمدة على فحوص طويلة وتكلفة مرتفعة.
حل لأزمة نقص المختصين في مجالي النطق والعلاج الوظيفي
واحدة من أبرز مزايا هذه الأداة هي قدرتها على تقليل الاعتماد على الكوادر البشرية، في ظل النقص الكبير في أعداد أخصائيي النطق والمعالجين الوظيفيين، لا سيما في الولايات المتحدة.
ويؤكد البروفيسور Venu Govindaraju، رئيس فريق البحث:
“الكشف المبكر عن هذه الاضطرابات العصبية النمائية أمر بالغ الأهمية لمساعدة الأطفال على تجاوز التحديات التي قد تؤثر سلبًا في تحصيلهم الأكاديمي وتطورهم الاجتماعي والعاطفي”.
عمل الفريق على جمع عينات ورقية ورقمية من خط يد الطلاب، بالتعاون مع معلمين وأخصائيي نطق، وكذلك الأستاذة المشاركة Abbie Olszewski من جامعة نيفادا، التي ساهمت في تطوير قائمة مؤشرات سلوكية دقيقة (DDBIC) تُستخدم لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على التعرف على أنماط العسر الكتابي والقرائي.
وقد تم التأكد من حماية خصوصية الأطفال خلال عملية جمع البيانات، مع استخدام 17 مؤشرًا سلوكيًا تشمل ما قبل وأثناء وبعد عملية الكتابة، لتدريب النظام ومقارنته بأداء الخبراء البشريين.