يشهد الطب والعلوم الحيوية تطورًا غير مسبوق بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي أحدثت تحولًا جوهريًا في تحليل البيانات الطبية والتوصل إلى حلول مبتكرة. ومن بين أبرز المجالات التي استفادت من هذه التقنيات، يأتي تعديل الجينات، الذي يُتوقع أن يحدث ثورة في علاج الأمراض الوراثية وتطوير العلاجات الشخصية.
الذكاء الاصطناعي وثورة تعديل الجينات مستقبل الطب الشخصي
الذكاء الاصطناعي وثورة تعديل الجينات مستقبل الطب الشخصي
يُشير تعديل الجينات إلى إدخال تغييرات دقيقة في تسلسل الحمض النووي (DNA) للكائنات الحية بهدف علاج الأمراض أو تحسين الصفات الوراثية. ورغم التطورات الكبيرة التي شهدها هذا المجال، فإن الذكاء الاصطناعي بات يُشكل عنصرًا أساسيًا في تسريع الأبحاث وتحقيق دقة غير مسبوقة في التعديلات الجينية.
كيف يُساهم الذكاء الاصطناعي في تطوير تعديل الجينات؟
1. تحسين دقة التعديلات الجينية
يُعد التحديد الدقيق للعلاقات بين الجينات والتغيرات الجسدية أمرًا معقدًا، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي في تحليل هذه العلاقات بدقة فائقة. على سبيل المثال، في عام 2023، تمكنت خوارزميات التعلم الآلي من التنبؤ بدقة تصل إلى 90% فيما إذا كانت الطفرات الجينية ضارة أم لا، مما ساعد الأطباء في تحديد الجينات التي تحتاج إلى تعديل لعلاج الأمراض الوراثية.
2. تسريع الأبحاث الجينية
يساهم الذكاء الاصطناعي في تسريع عملية تحليل البيانات الجينية، مما يختصر الوقت اللازم للاختبارات التقليدية. وقد برز هذا التأثير بوضوح خلال تطوير لقاحات كوفيد-19، حيث ساعد الذكاء الاصطناعي شركة Moderna على اختبار أكثر من 1000 شريط من الحمض النووي الريبي (RNA) شهريًا، مقارنة بـ 30 شريطًا فقط عند استخدام الطرق التقليدية.
يتيح الذكاء الاصطناعي إمكانية تحليل الجينوم الخاص بكل فرد لتصميم علاجات مخصصة لكل مريض، مما يُحسّن من فعالية العلاج ويقلل من الآثار الجانبية. على سبيل المثال، بدأت بعض المستشفيات في استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل الخلايا السرطانية وتحديد أفضل العلاجات الممكنة لكل حالة على حدة.
التحديات المحتملة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تعديل الجينات
رغم الفوائد الكبيرة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي في هذا المجال، فإن هناك بعض العقبات التي يجب التعامل معها بحذر:
التكلفة المرتفعة
تُعد العلاجات الجينية مكلفة للغاية، إذ قد تصل تكلفة بعض العلاجات إلى 3.5 ملايين دولار، وإضافة تقنيات الذكاء الاصطناعي قد تزيد من هذه التكلفة، مما يجعلها غير متاحة للجميع.
مخاوف تتعلق بالدقة والسلامة
رغم دقة الذكاء الاصطناعي، فإنه لا يزال عرضة للأخطاء، مما قد يؤدي إلى نتائج غير متوقعة عند تعديل الجينات. كما أن بعض نماذج الذكاء الاصطناعي قد تعاني من التحيز، مما قد يؤثر على دقة التشخيص والعلاجات المقدمة لفئات معينة من المرضى.
يمثل الذكاء الاصطناعي قوة دافعة في مجال تعديل الجينات، حيث يساهم في تحسين الدقة، وتسريع الأبحاث، وتقديم علاجات مخصصة. ومع ذلك، فإن تحديات التكلفة والسلامة تظل عوائق يجب معالجتها لضمان تحقيق أقصى استفادة من هذه التكنولوجيا المتطورة في خدمة البشرية.
تعزز الإمارات مكانتها كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي من خلال شراكات طموحة واستثمارات ضخمة، في مقدمتها التعاون الاستراتيجي بين شركة خزنة داتا سنتر التابعة لمجموعة G42، وشركة إنفيديا الرائدة في مجال تقنيات المعالجة الرسومية والذكاء الاصطناعي.
شراكة استراتيجية بين خزنة وإنفيديا تقود الإمارات نحو ريادة الذكاء الاصطناعي عالميًا
ضمن هذه الشراكة، ستعتمد خزنة تصميمات حديثة لمنشآتها تتوافق مع بنية NVIDIA Blackwell الجديدة، وهي إحدى أحدث تقنيات إنفيديا المصممة خصيصًا لدعم أحمال العمل المُسرعة بواسطة معالجات الرسومات الحديثة.
شراكة استراتيجية بين خزنة وإنفيديا تقود الإمارات نحو ريادة الذكاء الاصطناعي عالميًا
هذا التكامل سيجعل من معايير إنفيديا مرجعية رئيسية في منشآت خزنة، ويضمن توفير أقصى درجات الكفاءة والسرعة في معالجة البيانات والذكاء الاصطناعي.
كشفت خزنة عن خطط لتطوير مجمعات ذكاء اصطناعي ضخمة، بسعات تصل إلى 50 ميجاواط لكل مركز بيانات، بالإضافة إلى إنشاء مجمعات بقدرة تشغيلية تبلغ 250 ميجاواط لكل مجمع. ومن أبرز هذه المشاريع، مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي في أبوظبي، الذي سيعمل بطاقة تبلغ 5 جيجاواط، مما يمثل تحولًا نوعيًا في مستوى البنية التحتية الرقمية في الدولة.
هذا التوسع يعكس التزام خزنة بتوفير حلول رقمية عالمية المستوى تتماشى مع متطلبات الذكاء الاصطناعي في الأسواق المتقدمة والناشئة.
دعم رؤية الإمارات 2031 وبناء اقتصاد رقمي متكامل
تأتي هذه الجهود في إطار رؤية الإمارات 2031 التي تهدف إلى تحقيق الريادة في قطاع الذكاء الاصطناعي وتعزيز مكانة الدولة كمركز رقمي عالمي. وسيساهم هذا التحول في:
دعم الاقتصاد الرقمي المتنوع
خلق فرص عمل نوعية
تعزيز الأمن السيبراني
رفع الكفاءة التشغيلية لمختلف القطاعات
ما يجعل من الإمارات نموذجًا مستقبليًا يحتذى به في مجال التكنولوجيا والتحول الرقمي.
في ظل الاعتماد المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية، تتزايد التساؤلات حول طبيعة العلاقة العاطفية التي قد تنشأ بين البشر وهذه الأنظمة الذكية. دراسة جديدة من جامعة واسيدا اليابانية تسلط الضوء على هذا الجانب النفسي من التفاعل، وتكشف أن بعض المستخدمين يكوّنون روابط شبيهة بالعلاقات الإنسانية مع أدوات الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي كرفيق عاطفي دراسة يابانية تكشف أبعاد العلاقة النفسية بين الإنسان والتكنولوجيا
الذكاء الاصطناعي كرفيق عاطفي دراسة يابانية تكشف أبعاد العلاقة النفسية بين الإنسان والتكنولوجيا
اعتمد فريق البحث على نظرية التعلّق العاطفي لتحليل التفاعلات البشرية مع الذكاء الاصطناعي، وابتكروا مقياسًا جديدًا أُطلق عليه اسم “مقياس الخبرات في العلاقات بين الإنسان والذكاء الاصطناعي” (EHARS). هذا المقياس يهدف إلى فهم أنماط التعلّق النفسي – سواء كان مدفوعًا بالحاجة إلى الأمان أو بالرغبة في الابتعاد – عند التعامل مع الأنظمة الذكية.
تشير نتائج الدراسة إلى أن نحو 75% من المشاركين يستخدمون الذكاء الاصطناعي للحصول على نصائح وتوجيهات، وليس فقط كمصدر معلومات. وهذا يعكس تطور الذكاء الاصطناعي من مجرد أداة تقنية إلى كيان يوفر نوعًا من الدعم النفسي والعاطفي للبعض، خاصة في ظل العزلة أو الحاجة إلى الطمأنينة.
أكدت تقارير صادرة عن منصة كورسيرا العالمية أن دولة الإمارات العربية المتحدة تحتل مكانة ريادية على المستويين العربي والعالمي في مجال الذكاء الاصطناعي وتطوير المهارات الرقمية. فقد جاءت الدولة في المرتبة الأولى عربيًا و32 عالميًا ضمن مؤشر نضج الذكاء الاصطناعي، الذي يعتمد على بيانات المنصة إلى جانب مؤشرات دولية من مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
الإمارات تقود مسيرة التحول الرقمي عربيًا ريادة في الذكاء الاصطناعي وتطوير المهارات المستقبلية
الإمارات تقود مسيرة التحول الرقمي عربيًا ريادة في الذكاء الاصطناعي وتطوير المهارات المستقبلية
كشف تقرير “المهارات العالمية 2025” الصادر عن “كورسيرا” أن الإمارات سجلت نموًا بنسبة 344% في عدد المسجلين في دورات الذكاء الاصطناعي التوليدي خلال عام واحد، وهي نسبة تتجاوز بكثير المتوسطين الإقليمي (128%) والعالمي (195%).
كما أظهر التقرير أن 87% من أصحاب العمل في الإمارات يركزون على تزويد موظفيهم بالمهارات الرقمية والتكنولوجية المتقدمة، ما يشير إلى الطلب المرتفع على الكفاءات المتخصصة في مجالات البيانات والذكاء الاصطناعي.
جهود إماراتية لبناء كوادر رقمية مؤهلة
تواصل الإمارات تعزيز ريادتها في تطوير المهارات الرقمية، حيث أشار التقرير إلى أن 13% من القوى العاملة في الدولة تتعلم عبر منصة كورسيرا، مع ارتفاع بنسبة 41% في التسجيل بالشهادات المهنية، و14% في مجال الأمن السيبراني.
هذه المؤشرات تعكس التزام الدولة بتأهيل جيل رقمي قادر على تلبية متطلبات السوق والعمل في بيئات تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة.
ويبلغ عدد المتعلمين الإماراتيين عبر كورسيرا 1.3 مليون مستخدم من أصل 10.8 ملايين في المنطقة، بمتوسط عمر يبلغ 36 عامًا، مع اعتماد كبير على الهواتف المحمولة للتعلم بنسبة تصل إلى 41%.
مبادرات إستراتيجية تعزز الريادة المستقبلية
ترجمت الإمارات رؤيتها الطموحة إلى خطوات عملية من خلال عدة مبادرات مهمة:
مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي في أبوظبي: الأكبر خارج الولايات المتحدة، بطاقة تشغيلية تبلغ 5 جيجاواط لدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
إدراج الذكاء الاصطناعي كمادة دراسية إلزامية: من مرحلة رياض الأطفال وحتى نهاية المرحلة الثانوية، لضمان جيل متمكن رقميًا منذ سن مبكرة.
إستراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031: تهدف إلى تحويل الدولة إلى مركز عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي وزيادة مساهمة الاقتصاد الرقمي إلى أكثر من 20% من الناتج المحلي غير النفطي بحلول 2031.
تحديات المهارات وفرص لتمكين المرأة في القطاع التقني
رغم التقدم المذهل، لا تزال هناك تحديات قائمة، إذ أشار التقرير إلى أن 72% من أصحاب العمل يرون وجود فجوات في المهارات، وهي نسبة أعلى من المتوسط العالمي.
كما أن تمكين المرأة يمثل فرصة كبيرة غير مستغلة بالكامل، حيث تشكل النساء 32% من المتعلمين عبر كورسيرا في الإمارات، و24% منهن يلتحقن بدورات STEM، بينما 21% فقط يتجهن نحو الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وتسلط هذه الأرقام الضوء على الحاجة لتعزيز مشاركة المرأة في ميادين التكنولوجيا المستقبلية لتحقيق توازن أكبر في سوق العمل الرقمي.