كشفت أبحاث حديثة أن الاستعمال المكثف لروبوت الدردشة ChatGPT من قبل الطلبة قد يؤدي إلى نقص في القدرة على التذكر وهبوط في مستوى الأداء الأكاديمي. تأتي هذه المعلومات ضمن نتائج دراسة تناولت تأثيرات استخدام الروبوت بشكل متسارع. النماذج اللغوية الكبيرة مثل: نموذج (GPT) في الأغراض التعليمية.
وبحسب الدراسة في البحث الذي تم نشره بـ (الدورية العالمية لتقنيات التعليم)، قام مجموعة من الباحثين بإجراء استبيان شمل مئات من الطلبة الجامعيين – ابتداءً من المرحلة الجامعية الأولى وصولاً إلى مرحلة الدكتوراة – وذلك على دفعتين مستخدمين تقييم الطلبة لأنفسهم.
أساس هذا البحث هو الانتشار الكبير للتكنولوجيا والأدوات المتقدمة. الذكاء الاصطناعي التوليدي في السياقات التربوية، هناك قلق متنامٍ بين الأساتذة حول إمكانية الاستخدام السيئ للتقنيات، خاصة من حيث المصداقية الأكاديمية، رغم أنها قد تمتلك الإمكانات لدعم التعليم والبحث العلمي. لقد انحصرت أغلب الأبحاث السابقة في الجدالات النظرية وقلما قدمت بيانات عملية تؤيد هذه الحجج النظرية.
صرح الدكتور محمد عباس، أحد الباحثين الرئيسيين في الدراسة وعضو هيئة التدريس بالجامعة الوطنية لعلم الحاسوب والعلوم الناشئة في باكستان، أن سبب تركيزه على هذه القضية يعود إلى ملاحظته لتوسع طلابه في استعمال أدوات الذكاء الاصطناعي الإبداعية لإنجاز المهمات والمشروعات المتنوعة التي أسندت إليهم خلال العام الفائت. هذا الأمر دفعه لاستقصاء الدوافع التي تقبع خلف استخدامهم لهذه الأدوات وتبعات هذا الاستخدام على نحو أعمق.
لشرح الصلة بين الثراء في استعمال روبوت ChatGPT وانخفاض مستويات التحصيل الأكاديمي بين الطلبة، تم تنفيذ البحث عبر مرحلتين. خلال المرحلة الأولى، قام الباحثون بجمع ردود من 165 طالباً، حيث صنّف الطلاب اعتمادهم على ChatGPT باستخدام سلم تقييمي مؤلف من ثماني نقاط، شملت التصريحات في هذا السلم عبارات مثل: (أستعين بـ ChatGPT لإنجاز واجباتي الدراسية)، و(يشكل روبوت ChatGPT جزءًا مهماً في تجربتي الجامعية).
للتأكد من دقة النتائج الأولية، قام الباحثون بإجراء مرحلة ثانية قاموا فيها بزيادة حجم العينة في الدراسة الاستقصائية لتضم 500 طالب، حيث تم إجراء مقابلات معهم ثلاث مرات على مدى فترة تتراوح بين أسبوع إلى أسبوعين.
اكتشف العلماء أن الطلاب يميلون إلى التوجه بشكل متزايد إلى استعمال ChatGPT عندما يواجهون ضغوطات الدراسة والمهام الزمنية. لاحظ الباحثين أيضاً أن هؤلاء الطلاب، الذين يعتمدون بكثرة على ChatGPT، يظهرون مستويات أعلى من الخمول مقارنةً بزملائهم، بالإضافة إلى تدهور في قدراتهم الذاكرية، وانخفاض ملحوظ في معدلات التحصيل الدراسي لديهم.
أوضحت الدراسة أن كثرة استخدام الطلاب لروبوت ChatGPT أدى إلى النقصان في الجهد العقلي الذي يستثمرونه في مهامهم الأكاديمية؛ وذلك لقدرة الروبوت على توفير إجابات فورية لأية أسئلة تُطرح عليه، دون التمييز بين ما إذا كانت هذه الإجابات عالية الجودة أم لا.
بالرغم مما كان متوقعاً، بينت الدراسة بأن الطلاب الذين يتخوفون من تحصيل درجات منخفضة ويسعون للمحافظة على مرتبتهم الأكاديمية، على الأغلب لا يلجؤون إلى الاستعانة بـ ChatGPT لإنجاز واجباتهم الدراسية، نظراً لمخاوفهم من احتمالية كشف استخدامهم لهذه الأداة.
أوصى الباحثون بأن يتم اللجوء إلى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تعمل على إبداع المحتوى في مجال التعليم بشكل متزن وحذر. وقد لفتوا الانتباه إلى أن هذه الأدوات، رغم أهميتها في تحليل المحتوى التعليمي، والإجابة على أسئلة الطلاب، وتسهيل عملية البحث عن معلومات، إلا أن الاعتماد عليها بشكل مفرط قد يكون له تأثيرات سلبية على مهارات الطلاب الذهنية.
ينبغي الإدراك أن هذا البحث يمهد الطريق لاستكشاف التأثيرات الشاملة لاستعمال ChatGPT على أداء الطلبة التعليمي وصحتهم النفسية. هناك إمكانية للدراسات المستقبلية أن تغوص أعمق في فحص مدى تأثير الإعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي المولدة للمحتوى في تنمية المهارات الفكرية والحالة الذهنية وتجارب التعلم المتكاملة.
و قال الدكتور عباس تشمل أهدافي الاستراتيجية تطوير هذا المجال من البحوث من خلال مواصلة الاستقصاء باستخدام طرق بديلة مثل التجارب العملية، لفهم تأثيرات الاستعمال المكثف للذكاء الصناعي التوليدي على إنجازات الطلاب.