تحت الضوء

هل سيتمكن تطبيق تيك توك من البقاء بعد الحظر الأمريكي؟

Published

on

يشهد مستقبل تطبيق (تيك توك)  TikTok  في الولايات المتحدة الأمريكية، وقع حدث هام، إذ قام مجلس النواب في العشرين من شهر أبريل الفائت بإصدار قانون يُلزم شركة( بايت دانس   أُجبرت الشركة الصينية المسؤولة عن تطبيق تيك توك على تصفية ممتلكاتها في الولايات المتحدة، وما لم تفعل ذلك، فإن التطبيق سيخضع للمنع من الظهور في متاجر التطبيقات مثل آبل ستور وجوجل بلاي داخل الأراضي الأمريكية.

تبع ذلك، إجراء مجلس الشيوخ للتصويت على مشروع القانون في مساء اليوم الثالث والعشرون من شهر أبريل لعام 2024، وكان صادق عليها الرئيس الأمريكي جو بايدن وبذلك أصبحت قانونا مُعتمدا. .

بعد أن أصبح الإجراء المتخذ من قِبَل الطرفين قانوناً، سيُمنح (بايت دانس) مدة تصل إلى 12 شهراً لبيع أسهمها قبل المباشرة في تطبيق الحظر. وقد أدخل مايك جونسون، رئيس مجلس النواب، التشريع الذي يخص أصول (تيك توك) ضمن الجلسات التي شهدت بحث إقرار حزمة المساعدات العاجلة التي أُقرت لدعم أوكرانيا وإسرائيل، ووافق المجلس على التشريع بأغلبية كبيرة ضمن مشروع قانون مستقل.

يسبب القرار المتوقع إثارة حالة من التفكير والتقصي حول النتائج العديدة المترتبة عليه، من المخاوف الأمنية التي أجبرت على اتخاذ مثل هذه الخطوة، إلى تأثيراته الاقتصادية والثقافية المترتبة على حجب منصة للتواصل الاجتماعي التي أصبحت عنصرًا أساسيًا في الحياة اليومية لما يزيد عن 170 مليون مواطن أمريكي.

 في هذا الموضوع، سنقوم بدراسة معمقة وتحليل للآثار المترتبة على منع تطبيق (تيك توك) الذي يُتوقع أن يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية، مستعرضين الأبعاد المختلفة لهذه الإشكالية المعقدة.

 أولاً، ما هي الأسباب التي تدفع الكونغرس الأمريكي إلى التفكير في منع استخدام تطبيق “تيك توك”؟

يشهد تطبيق (تيك توك) نقاشًا حادًا بالولايات المتحدة منذ فترة، حيث يعتقد بعض أعضاء الكونغرس والمسؤولين أن التطبيق قد يُعرض الأمن الوطني للخطر لأنه ملك لشركة صينية، التي تستلزمها قوانين بلادها بتقديم المعلومات للحكومة عند الطلب. وبالرغم من هذه المخاوف، لم تُكلل المحاولات السابقة بالنجاح لفرض قيود أو حظر التطبيق في الأعوام الأخيرة، حتى في زمن إدارة ترامب.

نبّه المسئولون في الولايات المتحدة مرات عدة إلى أن التطبيق الصيني “تيك توك” يمثل تهديدًا للأمن الوطني، وذلك بسبب إمكانية استغلاله من قبل الحكومة الصينية للتنصت على المواطنين الأمريكيين أو توجيه الرأي العام عن طريق تعزيز أو قمع محتويات معينة تخدم مصالحها السياسية. وقد تصاعدت هذه القلق مع اقترانها بفترة الاستعداد للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.

يذكر المسؤولون في الولايات المتحدة بأن مخاوفهم معقولة، حيث تُلزِم القوانين الخاصة بالأمن الوطني في الصين المؤسسات بالمشاركة في تجميع المعلومات الاستخباراتية، ومن بين هؤلاء المسؤولين من يُعتبر من الأبرز. كريستوفر راي  قال مدير مكتب التحقيقات الفدرالي خلال اجتماع لجنة الاستخبارات بمجلس النواب في شهر مارس، بأن الحكومة الصينية قد تكون قادرة على تهديد أجهزة الأمريكيين باستخدام هذا التطبيق.

خلال جلسة نقاش في شهر أبريل الماضي، قبل أن يُقر مجلس النواب مشروع القانون، أفاد العضو مايكل ماكول، وهو عن الحزب الجمهوري من ولاية تكساس والرئيس الحالي للجنة الشؤون الخارجية بالمجلس، بأن هذا التطبيق يشكل أداة للتجسس على أجهزة الأمريكيين الخلوية ويستعمل لتحصيل واستخدام المعلومات الشخصية للمواطنين الأمريكيين.

نتيجة لهذه الظروف، صدر تشريع جديد يجبر الشركة المسؤولة عن التطبيق على التخلي عن أصولها في الولايات المتحدة الأمريكية أو تتعرض للمنع.

 في النقطة الثانية، كيف أجابت شركة “بايت دانس” على القانون الحديث؟

أكدت شركة (بايت دانس) أنها غير خاضعة لسيطرة الحكومة الصينية، وعبرت عن استنكارها لإجراءات المشرعين الرامية إلى تحجيم استخدام البرنامج، واصفةً إياه بمخالفة فاضحة لمبدأ حرية التعبير التي يتمتع بها أكثر من 170 مليون مستخدم أمريكي للتطبيق. كذلك صرحت الشركة بذلك، وصفت الحماية بأنها (مخالفة للدستور)، وبينت أيضًا أنها قامت خلال السنوات السابقة باتخاذ إجراءات عدة لضمان أمان معلومات المستخدمين في الولايات المتحدة.

في رسالة داخلية أُبلِغت للعاملين عقب صدور الحكم، عبّر مايكل بيكرمان، أحد قياديي تيك توك، عن عزم الشركة على مواصلة كفاحها ضد هذا الحكم، مؤكدًا على أن تأثيره السلبي سيطال حوالي 7 ملايين مؤسسة صغيرة تعتمد على هذا التطبيق كوسيلة للتواصل مع عملاء جدد، تسويق مُنتجاتهم، وخلق وظائف جديدة. وصف بيكرمان الحكم بأنه لا يعدو كونه (مجرد البداية، وليست الختام) لمسيرة طويلة من المعارضة.

كما أعرب الرئيس التنفيذي لتيك توك، شو زي تشيو، في مقطع فيديو نُشِر على التطبيق قائلاً: “نحن على يقين من أن الحقائق والقوانين تدعمنا ونحن نأمل في الفوز مرة أخرى؛ وذلك لأن الشركة قد خصصت عدة مليارات من الدولارات لحماية بيانات المستخدمين الأمريكيين وضمان عدم تعرض منصتنا لأي تدخلات خارجية”.

يشار إلى أن شركة تيك توك قد أطلقت مشروعًا في العام 2022 يُعرف بـ (مشروع تكساس) الذي يهدف إلى حماية بيانات المستخدمين الأميركيين من خلال تخزينها في خوادم بالولايات المتحدة الأمريكية، بهدف تهدئة قلق المشرعين الأمريكيين. ومع ذلك، يعتبر المسؤولون في الولايات المتحدة أن هذه الخطوة لا تكفي، إذ أن الخوارزميات وشيفرات المصدر الخاصة بالتطبيق ما تزال في الصين، وهو ما يتيح إمكانية استغلالها من قبل الحكومة الصينية.

وقد  قال إسحاق بولتانسكي  مدير السياسات في شركة BTIG للخدمات المالية يعلق: “من المتوقع أن تقوم شركة ByteDance برفع قضية قانونية لاحقاً خلال هذا الخريف، وهو الأمر الذي من الممكن أن يعطل تطبيق الحظر لمدة سنة إضافية، وهو ما يعني عمليًا أن القرار لن يُفَعّل قبل عام 2026.”

 بالنظر إلى من سيقوم بعملية شراء تطبيق “تيك توك”؟

يُمثّل الاستحواذ على تطبيق (تيك توك) استثماراً ذا تكلفة كبيرة، إذ تُقدّر القيمة السوقية للشركة الرئيسية (بايت دانس) بما يقارب 268 مليار دولار أمريكي. في حين أن تقييم عمليات (تيك توك) المحدودة داخل الولايات المتحدة يتراوح ما بين 40 و50 مليار دولار. ويتم عقد مقارنات بين هذه القيمة المرتفعة وصفقة شراء إيلون ماسك لشبكة تويتر، والتي بلغت قيمتها 44 مليار دولار خلال العام 2022.

يؤدي السعر العالي لإقصاء أغلبية المهتمين من المشترين عن الانخراط مباشرة في عملية شراء تطبيق تيك توك في أمريكا. على الرغم من ذلك، يوجد العديد من الشركات التي ترى في تلك الصفقة فرصة ذهبية لها، مع ذلك، تواجه هذه الشركات صعوبات مختلفة بجانب السعر.

وتشير الاحتمالات الأخرى إلى أن شركة ( أوراكل من المحتمل أن تصبح هذه الجهة المقتنية الأخيرة للبرنامج، نظرًا لكونها الشريك التكنولوجي الرئيسي لمؤسسة “تيك توك” في عمليات التحكم ببيانات المستهلكين داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وقد قامت الشركة بتقديم عرض رسمي لشراءه في عام 2020، عندما سعى ترامب في ذلك الحين إلى إجبار على إتمام عملية البيع، قد تجد شركة أوراكل تحديات كبيرة في تدبير التمويل اللازم للصفقة نظراً لحجم ديونها الهائل التي تزيد عن 87 مليار دولار.

وكانت شركة  مايكروسوفت  كانت الشركة المذكورة أيضًا من بين الشركات المقترحة للقيام بعملية استحواذ على برنامج تيك توك خلال العام 2020، إلا أن شركة (بايت دانس) التي تمتلك تيك توك قد صرفت النظر عن مقترحها في حينه.

أشار ستيفن منوشين، الذي كان يشغل منصب وزير المالية الأمريكي، خلال الشهر المنصرم والمسمى مارس، إلى إعلان محدد في. مقابلة مع (CNBC)  يعمل على تأسيس تحالف من المستثمرين للإستحواذ على تطبيق (تيك توك) في أمريكا، معتبراً إياه شركة متميزة. وقد لمّح إلى أن الاتفاق قد يستثني خوارزمية تيك توك المتقدمة للمحتوى، التي كانت السبب الرئيسي لشهرته. لكن لا تزال معالم العرض الذي يقدمه غامضة في الوقت الحالي.

كذلك؛ يعتقد الخبراء والمحللين أن احتمال موافقة شركة “بايت دانس” على بيعها ضئيل، وقد أفادت الحكومة الصينية بشكل مماثل، معتبرةً خوارزمية التطبيق بمثابة أحد مكونات الأمن القومي الرئيسية. وبدون هذه الخوارزمية، يخسر التطبيق الكثير من جاذبيته وقيمته بالنسبة للمستثمرين.

 رابعاً، ما هي الخيارات الأخرى المتاحة لاستبدال تطبيق تيك توك في حال تم تنفيذ الحظر في الولايات المتحدة؟

من الصعب جدًا أن يزول تطبيق “تيك توك” بصورة نهائية من جوالات المستخدمين الذين قاموا بتحميله مسبقًا حتى إذا تم منعه بشكل رسمي. من ناحية أخرى، المستخدمون الجدد لن يقدروا على تحميل التطبيق من متاجر التطبيقات المختلفة.

وهذا يعتبر دلالة على أن البرنامج لن يحصل على أي نوع من التحديثات المستقبلية، والتي تتضمن على سبيل المثال لا الحصر، التحديثات المتعلقة بأمان البرنامج أو تلك التي تهدف لإصلاح الأخطاء الموجودة به. وقد يؤدي ذلك في النهاية إلى تدهور التطبيق وصعوبة استخدامه مع مرور الوقت، بالإضافة إلى زيادة المخاطر المتعلقة بأمان البيانات وخصوصية المستخدم.

 قد يتّجه عدد من المستخدمين نحو خيارات أخرى كبدائل، مثل:

  • يمكن اللجوء إلى الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN) لتمويه وإخفاء العنوان الجغرافي للمستخدم.
  • تنزيل التطبيق من متاجر غير رسمية.
  • يستخدمون شرائح SIM من دول مختلفة في هواتفهم النقالة، مما يمنحهم القدرة على الوصول إلى البرنامج.

وأفاد المختصون بأن منع التطبيق بصورة دائمة داخل الولايات المتحدة الأمريكية سوف يكون له تأثير ضئيل؛ نظرًا لأن أغلب مستعملي التطبيق يمتلكون حسابات فعلية في تطبيقات تواصل أخرى وبالتالي، قد يكون الأثر الذي يتركه منع التطبيق على مصادر دخلهم – وبالأخص للأشخاص الذين يعتمدون في أعمالهم التجارية على تيك توك – محدوداً.

وبناءً على استبيان أُجري من قبل مؤسسة (Wedbush) المتخصصة في الخدمات المالية، ذكر نحو 60%  صرح المستخدمون لتيك توك الذين تم استطلاع آرائهم بأنه في حال تم حظر تيك توك، فإنهم سيُغيرون استخدامهم إلى تطبيقات أخرى مثل إنستاجرام أو فيسبوك، بينما ذكر 19% منهم أنهم سيحولون اتجاههم إلى موقع يوتيوب.

خلص محللون في مؤسسة (برنشتاين) للخدمات المالية إلى تقارير تُشير إلى أنه في حال تم حظر تيك توك في الولايات المتحدة، قد تحوز شركة (ميتا) على نسبة تصل إلى 60% من إيرادات الإعلانات التي كانت تيك توك تولدها. ويتوقعون أيضًا أن يستفيد يوتيوب من هذا الوضع بالحصول على حوالي 25% من تلك العائدات. لم يفوت المحللون التنبيه إلى أن تطبيق (سناب شات) سيعود عليه النفع أيضًا من جراء أي حظر محتمل.

Trending

Exit mobile version