أخبار تقنية

ليس خيال علمي.. الصين تبني نظام “تقييم الأشخاص” في المجتمع

Published

on

تخيل إذا كانت حياة الناس ومستقبلهم ومكانتهم في الحقيقة تتوقف على نظُم تقييم تشبه نظام التقييم في الألعاب!

الرصيد الاجتماعي يعتمد على مجموع معين للحصول على مكافآت، وعند عدم الوصول إليها يتم حرمانك من المكافآت، ماذا لو كان انتفاء النقاط يؤدي إلى نفيك من المجتمع أو إزالتك أي إعدامك؟! إذا كنت تعتقد أن تلك مجرد أطروحة من الخيال العلمي، مثلما رأينا في الحلقة الأولى من الموسم الثالث من حلقات Black Mirror، فأنت مخطئ. إذاً ما هو الرصيد الاجتماعي؟ وما هي كيفية تنفيذه؟

أصل نظام الرصيد الاجتماعي

نظام الرصيد الاجتماعي أحد الأفكار الفلسفية، ولكن البعض يظن أن من ابتدعه الفيلسوف كوفشيوس أو على الأقل شجع تلك الفكرة، وهذا غير صحيح فقد نادى كونفشيوس بأن الإنسان يجب أن تكون سلوكياته نابعة من أخلاقه وليست مفروضة عليه من قبل الحكام، وبعد موته قام الحكام بحرق كتبه والتخلص من تعاليمه، فقد كانت تعاليم كونفشيوس تدعو إلى التمسك بالماضي، وهذا ما لم يعجبهم. لكن رغم ذلك فشلت محاولاتهم وانتشرت تلك الفلسفة في الصين واليابان وكوريا، وظلت سائدة لعشرين قرناً حتى ظهور الحكومة الشيوعية الصينية وتطلع الدولة نحو المستقبل.

كيف يتم تطبيق نظام التقييم على أرض الواقع؟

تدور فكرة النظام الاجتماعي على إنشاء منظومة موحدة للمواطنين تعتمد على سلوكيات الأشخاص والشركات والمؤسسات، تلك السلوكيات يتم ترجتمها في شكل نقاط عددية؛ تزيد بالسلوكيات الجيدة، وتقل بالسلوكيات السيئة، وينتج عن تلك النقاط مجموعة من الامتيازات المُقررة لأصحاب السلوكيات الجيدة، ومجموعة من العقوبات لأصحاب السلوكيات السيئة.

ينتقد البعض ذلك النظام لأنه يحد من حرية الأفراد وخصوصيتهم، كما أنه يمثل مخالفة للقوانين، وينتهك الحقوق الشخصية، أيضاً يساعد ذلك في قمع المعارضة وزيادة تدخل الحكومة في شئون المواطنين. رغم ذلك يؤيد البعض الآخر ذلك النظام بحجة مساعدته على التنظيم الاجتماعي، وتعزيز ثقة الحكومة في المواطنين الصالحين، كما أنه يرسخ الأخلاق الاجتماعية.

تلك الآراء تثير في ذهني حلقة Nosedive من Black Mirror، حيث يحصل كل مواطن على تقييم يقدمه باقي المواطنين لسلوكياته مما يؤثر في تقييمه الاجتماعي، وتم الكشف عن التقييم عن طريق عمل مسح -بالهاتف الذكي- لعدسات يتم تركيبها على أعينهم، ويتم إزالة العدسة من العينين للمجرمين كدلالة على انتفاء التقييم.

تطبيق نظام الرصيد الاجتماعي

نظام الرصيد الاجتماعي يُعد جزءاً مهماً من نظام الصين الاشتراكي الشيوعي والحوكمة الاجتماعية.
توضح الوثيقة التي أصدرتها الحكومة الصينية في 2015 آلية عمل النظام الذي يهدف إلى الحفاظ على الثقة المتبادلة بين الحكومة الصينية وشعبها أمر مجيد وأن كسر الثقة أمر مخزٍ

نظام

يعتمد تحديد التقييم على كل من فريق التخطيط الاقتصادي ولجنة الإصلاح والتنمية وبنك الشعب الصيني ونظام المحاكم، ويتم تطبيقه على الشعب والمؤسسات والشركات الحكومية. أما القطاع الخاص فيستخدم أنظمة تقييم مشابهة عبر قواعد بيانات القطاعين العام والخاص.

أعلنت الصين في عام 2020 عن خطتها لجعل نظام الرصيد الاجتماعي إلزامياً عن طريقة توحيد تطبيقه في الدولة بأكملها، فلكل مواطن رمز فريد لقياس درجة الرصيد الاجتماعي، وبالتالي تحديد الدرجة الاجتماعية بناءاً على رصيده الذي ينتج عن سلوكياته

من سياسة الحديد والنار إلى سياسة الثواب والعقاب 

نظام الرصيد الاجتماعي أشبه ما يكون بسياسة الثواب والعقاب، فكلما كان سلوك المواطن جيداً ارتفع رصيده الاجتماعي أي قيمته الاجتماعية، وبالتالي تزيد الامتيازات التي يحصل عليها، وكلما كان سلوكه سيئاً انخفض رصيده الاجتماعي أي قيمته الاجتماعية، وبالتالي تقل الامتيازات التي يحصل عليه.

من أمثلة السلوكيات السيئة شراء الكثير من الألعاب الإلكترونية، والتدخين في الأماكن التي يُمنع فيها ذلك، والتهرب من دفع الضرائب. أما العقوبات فمن أمثلتها تعطيل الإنترنت، وتقليل فرص التعليم، ومراقبة المعاملات الائتمانية، بل وقد تصل إلى الحرمان من السفر، ووضع المواطن في القائمة السوداء بإعلان من المحكمة مما يمنع توظيفه.

أما السلوكيات الجيدة فهي تشمل بعض السلوكيات الاجتماعية الجيدة، والالتزام بالقوانين، وعدم ارتكاب المخالفات. ومن أمثلة المكافآت تسريع إجراءات السفر، وتقليل فوائد القروض، بل وقد تصل إلى الإعفاء من تقديم ودائع في المعاملات التي تتطلب ذلك، ومنح فواتير الطاقة.

السعي نحو المثالية كما يسعى مطور الألعاب إلى تطوير لعبة مثالية

تُعتبر الصين أكبر دولة بنظام اشتراكي شيوعي في العالم، ومن المعروف أن الدول الشيوعية تهدف إلى التجانس التام بين أفراد المُجتمع وتقليل الفوارق الاجتماعية بينهم، لكن الصين تعدت ذلك إلى مرحلة ترغب فيها بتحويل أفراد المجتمع إلى المثالية من وجهة نظرها، وهذا يذكرنا بمطور الألعاب الذي يسعى إلى تطوير لعبة مثالية، ولكن للأسف ذلك أمر مستحيل، وسيتحقق بأثر عكسي وهو فشل اللعبة بسبب التأجيلات، واستهداف أمر يصعب تحقيقه.

Trending

Exit mobile version