لا احد ينسى الهجوم على مبنى الكونجرس الأميركي في السادس من يناير 2021، حينما قامت مجموعات مؤيدة للرئيس السابق دونالد ترامب باقتحام الكونجرس الذي يعتبر رمز الديموقراطية في الدولة الأقوى في العالم، وذلك للاعتراض على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية.
الخوارزميات
من هنا ظهرت حاجة ملحة إلى فعل شيء ما لتجنب حدوث مثل هذه الأعمال مرة أخرى، وإحدى طرق القيام بذلك تتمثل في التنبؤ بهذه الأحداث قبل وقوعها تمامًا كما يمكن التنبؤ بأحوال الطقس.
ويعتقد بعض علماء البيانات -وفقًا لصحيفة واشنطن بوست (Washington Post)- أن بإمكانهم تحقيق ذلك بالضبط؛ إذ يقول كلايتون بيساو، الذي يساعد في تشغيل برنامج “كو كاست” (CoupCast)، وهو برنامج قائم على التعلم الآلي ويتوقع حدوث الانقلابات في مجموعة متنوعة من البلدان: “حسب النموذج، من الواضح تمامًا أننا نتجه إلى فترة نكون فيها أكثر عرضة لخطر العنف السياسي المستمر، فاللبنات الأساسية موجودة”.
أطلق “كو كاست” منظمة غير ربحية -مقرها كولورادو- تسمى “ون إيرث فيوتشر” (One Earth Future) عام 2016، ثم سلمت البرنامج إلى جامعة سنترال فلوريدا.
كان هذا النوع من النمذجة التنبؤية موجودًا منذ فترة، ولكنه ركز -في الغالب- على البلدان التي يكون فيها الاضطراب السياسي أكثر شيوعًا. والأمل الآن هو أنه يمكن إعادة توجيه النمذجة إلى دول أخرى للمساعدة في منع أحداث مثل التي جرت في السادس من يناير/كانون الثاني 2021. وحتى الآن، حققت الشركات العاملة في هذا المجال نجاحًا كبيرًا.
حذر “مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح” (ACLED) غير الربحي من وجود خطر محتمل لوقوع هجوم على مبنى فدرالي أكتوبر عام 2020، وهذا المشروع تقوم به منظمة أخرى تشارك في تطوير هذا النوع من الخوارزميات.
قال فيليب شروت، أحد آباء التنبؤ بالصراع، “سنتنبأ بالتهديدات مثلما نتنبأ بعواصف الطقس، ولكن لن يكون هذا بشكل علني، ولكن مع كثير من الدقة نفسها”، وأضاف أن “هناك فائدة كبيرة لهذا الأمر هنا في أميركا”.
الفكرة من وراء التنبؤ بالاضطرابات هي أنه من خلال تصميم نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه تحديد المتغيرات -التاريخ الديمقراطي للدولة، والتراجع الديمقراطي، والتقلبات الاقتصادية، ومستويات “الثقة الاجتماعية”، واضطرابات النقل، وتقلبات الطقس وغيرها- فن التنبؤ بالعنف السياسي أصبح موضوعا علميًا أكثر من أي وقت مضى.
ولهذا بدأ البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية ووزارة الخارجية بالفعل في استخدام الذكاء الاصطناعي لتتبع الاضطرابات في الخارج، لكن وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفدرالي لم ينضموا بعد. ويرى مؤيدو التكنولوجيا الجديدة أن هذه المؤسسات عليها أن تعيد النظر لتبني هذه التقنية.
الخوارزميات تقنية باهظة الثمن
وقال الرئيس التنفيذي لـ”بيس تيك” (PeaceTech)، شيلدون هيملفارب، وهو مختبر يعمل على الحد من النزاعات العنيفة باستخدام التكنولوجيا والوسائط والبيانات لتسريع جهود بناء السلام وتوسيع نطاقها: “إنها ليست مثالية، وقد تكون باهظة الثمن”، وأضاف “ولكن هناك إمكانات هائلة لاستخدام البيانات للإنذار المبكر والعمل بشكل استباقي. لا أعتقد أن هذه الأدوات اختيارية بعد الآن”.
تم تصنيف الولايات المتحدة سابقا على أنها ليست من ضمن الدول التي يمكن أن تقوم الخوارزميات بالتنبؤ الدقيق لأحداث العنف والانقلابات السياسية فيها، وذلك بسبب نظامها الديمقراطي، حيث تم تصنيفها في أسفل القائمة لكل من الانقلابات والعنف الانتخابي.
ولكن مع البيانات الجديدة في السادس من يناير 2021، أعاد الباحثون برمجة النموذج ليأخذ في الاعتبار العوامل التي كان تقليديا يقلل من شأنها، مثل دور القائد الذي يشجع الغوغاء، مع تقليل العوامل المهمة تقليديا مثل التاريخ الديمقراطي طويل المدى.
ونتيجة لذلك، ارتفع تقييمها لمخاطر العنف الانتخابي في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن علماء البيانات يقولون إن ضعف أميركا لا يزال تحت الدراسة، ولا تقارن بديمقراطية هشة مثل أوكرانيا، فإنها ليست منخفضة كما كانت في السابق.
أصبحت روبوتات الدردشة أداة أساسية في عام 2024، إذ تُستخدم للمساعدة في الأعمال، الدراسة، والبحث. ويُعد ChatGPT أحد أبرز هذه الروبوتات، حيث حقق نجاحًا كبيرًا وأصبح ضمن أكثر المواقع زيارة عالميًا. ومع ذلك، ظهرت منافسة قوية من جوجل عبر روبوت Gemini الذي يقدم ميزات مبتكرة تجعله منافسًا بارزًا.
Gemini vs. ChatGPT ميزات تجعل Gemini الخيار الأفضل للبعض
بينما يقدم ChatGPT إجابة واحدة لكل استفسار، يتميز Gemini بقدرته على تقديم ثلاث إجابات متنوعة افتراضيًا لكل طلب.
Gemini vs. ChatGPT ميزات تجعل Gemini الخيار الأفضل للبعض
ميزة Show Drafts: تتيح للمستخدم الاختيار بين الصياغات المختلفة دون الحاجة لإعادة التوليد يدويًا كما في ChatGPT.
فائدة رئيسية: مثالية لكتابة رسائل البريد الإلكتروني أو صياغة المستندات مع خيارات متعددة جاهزة للاستخدام.
إجابات موجزة وأكثر تركيزًا
Gemini يبرع في تقديم ردود مختصرة تغطي النقاط الأساسية بوضوح، مما يجعله مناسبًا للمهام التي تحتاج إلى إجابات مباشرة.
على العكس، يميل ChatGPT إلى التفصيل حتى عند الإجابة عن أسئلة بسيطة، مما قد يستغرق وقتًا أطول عند البحث عن المعلومات.
الاختيار الأفضل: لمن يفضل الإيجاز دون التضحية بالمضمون.
أعلنت شركة أمازون عن استثمار جديد بقيمة 4 مليارات دولار في شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة “أنثروبيك”، لتعزز بذلك حصتها في الشركة التي تُعتبر واحدة من أبرز المنافسين لـ OpenAI.
يأتي هذا الاستثمار استكمالًا لصفقة سابقة بنفس القيمة، حيث تهدف أمازون إلى ترسيخ مكانتها في سوق الذكاء الاصطناعي سريع النمو.
أمازون تعزز شراكتها في الذكاء الاصطناعي مع استثمار جديد في أنثروبيك
تتضمن الصفقة اتفاقًا على استخدام “أنثروبيك” مراكز بيانات “أمازون ويب سيرفيسز” (AWS) بالإضافة إلى رقاقات الذكاء الاصطناعي التي تطورها أمازون. وتتيح هذه الشراكة لأنثروبيك تطوير قدراتها بشكل أكثر كفاءة، مع استفادة أمازون من تعزيز منظومتها في خدمات الذكاء الاصطناعي.
أمازون تعزز شراكتها في الذكاء الاصطناعي مع استثمار جديد في أنثروبيك
تاريخ الشركة وموقعها في المنافسة
تأسست “أنثروبيك” عام 2021 على يد مجموعة من الموظفين السابقين في OpenAI، وسرعان ما أصبحت واحدة من الشركات الرائدة في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي. الشركة معروفة بروبوتاتها من عائلة “Claude”، التي تتمتع بقدرات متقدمة على إنشاء النصوص من البداية. وقد نجحت هذه النماذج في استقطاب عملاء من قطاعات مختلفة مثل الخدمات المالية والرعاية الصحية.
التعاون مع عمالقة التكنولوجيا
إضافةً إلى شراكتها مع أمازون، تتمتع “أنثروبيك” بعلاقات وثيقة مع شركة ألفابت، الشركة الأم لجوجل، ما يعكس اهتمام كبرى شركات التكنولوجيا بقدراتها الواعدة في مجال الذكاء الاصطناعي.
شهدت الأشهر الأخيرة منافسة قوية في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث جمعت OpenAI تمويلات بقيمة 6.6 مليارات دولار، مع تقدير قيمتها السوقية بـ 157 مليار دولار. في المقابل، تسعى شركة xAI، المملوكة لإيلون ماسك، إلى جمع تمويلات تصل إلى 40 مليار دولار.
أشار داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة “أنثروبيك”، إلى أن تكلفة تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الكبرى قد تصل في المستقبل إلى 100 مليار دولار، مقارنةً بالتكلفة الحالية البالغة 100 مليون دولار. هذا يُظهر حجم الاستثمارات المطلوبة لدفع عجلة الابتكار في هذا القطاع.
يؤكد استثمار أمازون في “أنثروبيك” على التزامها بالبقاء في صدارة سباق الذكاء الاصطناعي، حيث تُعد هذه الشراكات بين الشركات الناشئة والعمالقة التقنيين من أبرز العوامل التي تُشكل مستقبل هذا القطاع الحيوي.
يشهد العالم تطورًا غير مسبوق بفضل التقدم التكنولوجي، حيث أصبحت خوارزميات الذكاء الاصطناعي أداة رئيسية لتسريع وتيرة الاكتشافات العلمية. في الوقت الذي كان فيه التقدم العلمي يتسم بالبطء النسبي لعقود طويلة، قفزت الأبحاث والاكتشافات خطوات هائلة في السنوات الأخيرة بفضل الإمكانيات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي.
إليك أبرز المجالات التي أحدثت فيها هذه الخوارزميات تحولًا جذريًا:
كيف أسهمت خوارزميات الذكاء الاصطناعي في تغيير مسار الاكتشافات العلمية
لطالما شكلت معرفة بنية البروتين تحديًا كبيرًا أمام العلماء، لكنه اليوم أصبح أمرًا ممكنًا بفضل الذكاء الاصطناعي.
كيف أسهمت خوارزميات الذكاء الاصطناعي في تغيير مسار الاكتشافات العلمية
أطلقت شركة DeepMind التابعة لجوجل نموذج AlphaFold 2، الذي استطاع التنبؤ بدقة مذهلة بهياكل 200 مليون بروتين.
هذه التقنية وفرت وقتًا وجهدًا هائلين، إذ أصبحت مهمة كانت تستغرق سنوات تُنجز الآن في دقائق.
يُستخدم هذا الإنجاز لتطوير أدوية جديدة، ومكافحة مقاومة المضادات الحيوية، وحتى التصدي للتلوث البلاستيكي.
رسم خريطة الدماغ البشري: فك شيفرة التعقيد العصبي
ظل الدماغ البشري لغزًا معقدًا، لكن باستخدام الذكاء الاصطناعي، تمكنت جوجل بالتعاون مع جامعة هارفارد من تحقيق قفزة علمية.
طُورت خريطة تفاعلية ثلاثية الأبعاد لأجزاء من الدماغ، مع تحليل ما يعادل 1.4 بيتابايت من البيانات.
اكتُشف في عينة بحجم حبة الرمل أكثر من 50 ألف خلية عصبية و150 مليون مشبك عصبي.
هذا الإنجاز يدعم الأبحاث لفهم أمراض عصبية مثل الزهايمر وباركنسون والصرع.
التنبؤ بالفيضانات وإنقاذ الأرواح
في مواجهة الكوارث الطبيعية، ساعد الذكاء الاصطناعي على تقديم حلول فعالة:
أطلقت جوجل مشروعًا للتنبؤ الدقيق بالفيضانات، يغطي حاليًا 100 دولة ويخدم 700 مليون شخص.
يتيح النظام تنبؤات موثوقة قبل سبعة أيام من حدوث الفيضانات، ما يمنح وقتًا كافيًا لاتخاذ إجراءات وقائية.
مكافحة حرائق الغابات: الكشف المبكر باستخدام FireSat
حرائق الغابات تُشكل خطرًا كبيرًا، لكن الذكاء الاصطناعي أحدث فرقًا واضحًا:
بفضل مشروع FireSat، أصبح بالإمكان اكتشاف الحرائق الصغيرة جدًا بحجم فصل دراسي.
تُرسل صور دقيقة في غضون 20 دقيقة، مما يسمح لفرق الإطفاء بالتدخل سريعًا وتقليل الخسائر البشرية والبيئية.
تحسين التنبؤ بالطقس: نموذج GraphCast
قدمت جوجل نموذجًا ثوريًا للتنبؤ بالطقس:
يوفر GraphCast تنبؤات دقيقة تصل إلى عشرة أيام متفوقًا على النماذج التقليدية.
يُستخدم في الزراعة وإدارة الكوارث، كما أثبت دقته في توقع الأعاصير ومساراتها مثل إعصار “لي”.
تمثل هذه الاكتشافات البداية فقط لعصر جديد من الإنجازات العلمية، حيث يفتح الذكاء الاصطناعي آفاقًا غير مسبوقة لفهم العالم. ومع ذلك، يبقى تطوير هذه التكنولوجيا بشكل مسؤول وأخلاقي ضرورة لضمان استخدامها بما يخدم البشرية.