شهدت نماذج الذكاء الاصطناعي مؤخرًا قفزة نوعية في أدائها، حيث حقق نموذج ChatGPT o3 من OpenAI نتيجة 136 نقطة في اختبار الذكاء Mensa النرويجي، متفوقًا على 98% من البشر. هذه النتيجة دفعت الكثير من الجيل زد إلى الاعتقاد بأن الذكاء الاصطناعي قد بلغ مستوى متقدمًا من الوعي الذاتي، بحسب استطلاع أجرته منصة EduBirdie، والذي أظهر أن ربع المشاركين يرون أن هذه النماذج أصبحت واعية بالفعل، في حين يرى أكثر من النصف أن الأمر مجرد مسألة وقت.
جيل يتحدث إلى الآلات كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في وعي الجيل زد

جيل يتحدث إلى الآلات كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في وعي الجيل زد
التحسّن لم يقتصر على نموذج o3 فقط، بل شمل أيضًا نماذج مثل Claude وGemini وGPT-4o، وأصبحت الفروقات بينها من حيث الذكاء طفيفة. ومع ذلك، فإن ما يثير القلق هو السرعة البرمجية الهائلة لتطور هذه النماذج، مقارنة بالتطور البيولوجي البشري، مما يفرض تحديات نفسية وإدراكية على جيل وُلد وسط العالم الرقمي.
وعي زائف أم ذكاء حقيقي؟
نشأ الجيل زد في بيئة تحيط بها تقنيات مثل سيري وأليكسا، وتعلّم التفاعل معها بلغة تُشبه الحديث مع البشر. وكشفت الدراسة أن 70% منهم يستخدمون عبارات مهذبة عند التحدث مع أدوات الذكاء الاصطناعي، وأن ثلثيهم يعتمدون عليها في المهام اليومية.
الأمر لم يتوقف عند الاستخدام المهني، بل توسّع ليشمل التفاعلات الشخصية؛ حيث صرّح واحد من كل ثمانية بأنهم يلجؤون إلى الذكاء الاصطناعي لمناقشة مشكلات العمل، وواحد من كل ستة يستخدمه كـ معالج نفسي رقمي. كما وصف 26% من الشباب هذه الأدوات بأنها أصدقاء، في حين اعتبرها 6% أقرب إلى شريك عاطفي.
هذا التفاعل العاطفي المبالغ فيه يخلق وهمًا بالوعي، إذ تستجيب النماذج بسرعة، وتبدو متعاطفة، وتتذكر التفاصيل، لكن الذكاء هنا لا يعادل الوعي. فالنموذج، مهما بلغت دقته، لا يشعر، بل يحاكي السلوك البشري دون تجربة شعورية حقيقية.
كيف يتعامل الجيل زد بوعي مع الذكاء الاصطناعي؟
مع استمرار اعتماد الجيل زد على أدوات الذكاء الاصطناعي في مختلف نواحي الحياة، تزداد الحاجة إلى ترسيخ مفهوم الوعي الرقمي المسؤول. يجب التأكيد على أن هذه الأدوات، مهما بدت ذكية أو متعاطفة، لا تمتلك وعيًا ذاتيًا، بل تعتمد على تحليل كمي هائل للبيانات وتوليد لغوي متقدم.
ينبغي أيضًا توعية الشباب بالتمييز بين الذكاء المحاكي والمشاعر الحقيقية، وأن التعاطف الظاهري مجرد نتيجة برمجة دقيقة، وليس دليلًا على شعور حقيقي. كما يُستحسن الحذر في مشاركة المعلومات الحساسة مع هذه النماذج، وعدم الاعتماد عليها في اتخاذ قرارات مصيرية أو دعم نفسي جاد.
تعليم أخلاقيات الذكاء الاصطناعي: خطوة نحو الوعي الحقيقي
لضمان استخدام آمن وواعٍ، يُنصح بإدخال مناهج تعليمية تركّز على أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، تشرح حدوده وتوضح كيف يمكن الاستفادة منه دون الوقوع في فخ الاعتماد العاطفي أو المفاهيم المغلوطة. فالتكنولوجيا المتقدمة تحتاج إلى وعي متقدم يرافقها، وجيل يمتلك القدرة على التفاعل معها بعقلانية ومسؤولية.