في خطوة هزت المشهد العالمي للذكاء الاصطناعي، أطلقت الشركة الصينية الناشئة DeepSeek نماذج ذكاء اصطناعي جديدة أثارت ضجة كبيرة في قطاع التكنولوجيا. ورغم أن عمرها لا يتجاوز 18 شهرًا، إلا أنها تمكنت في شهر واحد فقط من إطلاق نموذجين متطورين هما: DeepSeek-V3 وDeepSeek-R1، مما جعلها منافسًا قويًا لعمالقة الصناعة مثل OpenAI وAnthropic.
كيف تعيد الصين رسم خارطة الابتكار العالمي في الذكاء الاصطناعي
تتبنى الصين استراتيجية متكاملة لتطوير الذكاء الاصطناعي، ترتكز على الاستثمار الاستراتيجي، والابتكار الفعال، والرقابة التنظيمية الدقيقة. وتُعد شركة DeepSeek جزءًا صغيرًا لكنه مؤثر في هذا النظام المتنامي، حيث تزخر البلاد بمنظومة متكاملة من الشركات الناشئة والشركات العملاقة مثل علي بابا، بايدو، وتنسنت، التي تضخ استثمارات ضخمة في هذا المجال.
كيف تعيد الصين رسم خارطة الابتكار العالمي في الذكاء الاصطناعي
كما دخلت علي بابا في شراكة مع آبل لدمج نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها في هواتف iPhone المباعة في الصين، بينما تعتمد آبل على ChatGPT من OpenAI في الأسواق الأخرى.
مسارات مبتكرة للنجاح رغم العقوبات الأمريكية
رغم العقوبات المفروضة على الصين في مجال أشباه الموصلات، تمكنت شركاتها من تبني نهج مبتكر لتطوير الذكاء الاصطناعي. اعتمدت هذه الشركات على بيانات محلية ضخمة من منصات مثل WeChat وWeibo وZhihu بدلًا من البيانات المفتوحة المستخدمة في النماذج الغربية. كما لجأت إلى التطوير المفتوح المصدر، حيث تنشر أبحاثها بشكل علني لدعم الابتكار العالمي.
بالإضافة إلى ذلك، قدمت الحكومة الصينية دعمًا هائلًا من خلال صناديق استثمارية، وإعفاءات ضريبية، وإنشاء بورصات بيانات، مما أتاح بيئة مواتية لنمو الشركات الناشئة وتوسيع نطاق أبحاث الذكاء الاصطناعي.
الاستثمار في التعليم وبناء الكوادر البشرية
يُعد التعليم والتأهيل الأكاديمي عنصرًا رئيسيًا في استراتيجية الصين، حيث أطلقت وزارة التعليم خطة وطنية لتعزيز البحث في الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى إنشاء 535 برنامجًا أكاديميًا في هذا التخصص عبر الجامعات الصينية.
وفي حين لا يتجاوز عدد الجامعات الأمريكية التي تقدم تخصصات رسمية في الذكاء الاصطناعي 14 جامعة فقط، فإن الصين أسست 43 معهدًا بحثيًا متخصصًا، مما يعزز قدرتها على إنتاج كفاءات مؤهلة لقيادة مستقبل الذكاء الاصطناعي.
رغم أن الصين والولايات المتحدة تهيمنان على قطاع الذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك قوى صاعدة تسعى للدخول في المنافسة. على سبيل المثال، برزت فرنسا من خلال شركة Mistral AI، التي جمعت استثمارات تجاوزت مليار يورو، مما يعكس الطموح الأوروبي في هذا المجال.
كما تشهد ألمانيا وبريطانيا نموًا في شركات الذكاء الاصطناعي المتخصصة، مثل Aleph Alpha الألمانية، التي تطور نماذج ذكاء اصطناعي للشركات، وشركة Graphcore البريطانية، المتخصصة في تصنيع رقائق الذكاء الاصطناعي.
“DeepSeek” تثبت أن الابتكار لا يحتاج إلى ميزانيات ضخمة
أثبتت شركة DeepSeek أن التفوق في الذكاء الاصطناعي لا يعتمد فقط على امتلاك بنية تحتية حاسوبية هائلة أو ميزانيات ضخمة، بل يمكن تحقيق نجاحات مذهلة من خلال الكفاءة والابتكار.
ومع استمرار تطور المشهد العالمي، قد نشهد ظهور شركات جديدة قادرة على كسر احتكار القوى الكبرى للذكاء الاصطناعي، مما قد يعيد تشكيل الخريطة التكنولوجية العالمية خلال السنوات القادمة.
تقدم التجربة الصينية نموذجًا فريدًا للدول الطامحة إلى دخول عالم الذكاء الاصطناعي، إذ أثبتت أن النجاح لا يرتبط فقط بحجم الموارد، بل بكيفية إدارتها بذكاء. كما أن التوازن بين الابتكار والرقابة هو مفتاح النجاح في هذه الصناعة المتسارعة.
فهل ستبقى الهيمنة بيد الصين وأمريكا، أم أن العالم سيشهد قوى جديدة تغير قواعد اللعبة؟
حذر داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة الذكاء الاصطناعي أنثروبيك، من أن الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى القضاء على 50% من وظائف المبتدئين في المهن المكتبية خلال السنوات الخمس المقبلة.
تحذير من تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف المكتبية مستقبل مقلق للمبتدئين
في مقابلة مع موقع أكسيوس، أشار أمودي إلى أن معدلات البطالة قد ترتفع بين 10% و20% في غضون خمس سنوات بسبب تسارع تطوير نماذج اللغة الكبيرة التي أصبحت تضاهي، بل وتتجاوز الأداء البشري في العديد من المجالات.
تحذير من تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف المكتبية مستقبل مقلق للمبتدئين
أوضح أمودي أن هدفه من نشر هذه التحذيرات هو دفع الحكومة الأميركية وشركات الذكاء الاصطناعي إلى الاستعداد بشكل أفضل لما سيحدث في سوق العمل، خصوصًا مع تسارع التطور التكنولوجي الذي لا يشعر به غالبية العمال.
تشير بيانات حديثة إلى انخفاض توظيف الخريجين الجدد في شركات التكنولوجيا الكبرى بنسبة تصل إلى 50% مقارنة بما قبل جائحة كورونا، وفق تقرير لشركة رأس المال المغامر “SignalFire”. ويُعزى هذا الانخفاض جزئيًا إلى الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي.
شهد عام 2023 تسريحات واسعة في قطاع التكنولوجيا، حيث ألغيت مئات الآلاف من الوظائف في إطار جهود خفض التكاليف. وفي 2024، رغم زيادة طفيفة في توظيف المناصب المتوسطة والعليا، لم تشهد وظائف المستوى المبتدئ أي انتعاش ملحوظ، مع تفضيل الشركات توظيف المهنيين ذوي الخبرة لشغل هذه المناصب.
فاجأت شركة DeepSeek الصينية الناشئة الأوساط التقنية بإطلاق نسخة محدثة من نموذج الذكاء الاصطناعي R1، المتخصص في الاستدلال والتفكير المنطقي، وذلك دون إصدار أي إعلان رسمي. وقد تم طرح النسخة المطورة عبر منصة Hugging Face الشهيرة، كما فعلت الشركة عند إطلاق الإصدار الأول للنموذج في وقت سابق من هذا العام.
DeepSeek تفاجئ السوق بإصدار جديد يعزز تفوق الذكاء الاصطناعي الصيني
DeepSeek تفاجئ السوق بإصدار جديد يعزز تفوق الذكاء الاصطناعي الصيني
منذ ظهوره الأول، حاز DeepSeek R1 على اهتمام عالمي واسع بعد تفوقه على نماذج لشركات كبرى مثل Meta وOpenAI. ويتميّز النموذج بكونه مفتوح المصدر، مجاني، ومنخفض التكلفة، وقد تم تطويره في فترة زمنية قصيرة.
وقد أدى هذا النجاح إلى إثارة قلق الشركات التقنية الأميركية، خاصة مع ظهور مؤشرات على هدر في الإنفاق على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، مما تسبب في تراجع أسهم بعض الشركات، أبرزها إنفيديا، قبل أن تشهد تعافيًا لاحقًا.
يصنّف النموذج الجديد ضمن نماذج الاستدلال الذكية، حيث يتمكن من معالجة المهام المعقدة عبر تسلسل منطقي من التفكير. ووفقًا لتصنيفات موقع LiveCodeBench، يقترب أداء النموذج من نماذج مثل o4-mini وo3 التابعة لـ OpenAI.
وفي تصريح خاص لشبكة CNBC، أكدت أدينا ياكيفو، الباحثة في الذكاء الاصطناعي لدى Hugging Face، أن الترقية الجديدة أكثر كفاءة، وتقدم أداءً قويًا في البرمجة والرياضيات، إلى جانب تحسينات ملموسة في تقليل المعلومات المضللة (hallucinations).
وقالت ياكيفو:
“لم تعد DeepSeek تحاول اللحاق بالمنافسين فقط، بل أصبحت فعليًا تُنافس النماذج الرائدة مثل Gemini وo3”.
يعكس هذا التطور التقدم السريع الذي تحققه الصين في مجال الذكاء الاصطناعي، بالرغم من القيود الأميركية المفروضة على تصدير التقنيات والرقاقات المتقدمة. وتُعد DeepSeek نموذجًا بارزًا لقدرة الشركات الصينية الناشئة على تقديم ابتكارات قوية تؤثر في موازين المنافسة العالمية.
في خطوة غير مسبوقة، وقّع الملياردير الأمريكي إيلون ماسك اتفاقًا ضخمًا مع بافيل دوروف، مؤسس تطبيق تيليجرام، بقيمة تصل إلى 300 مليون دولار، يهدف إلى دمج روبوت الذكاء الاصطناعي Grok، المطوّر من قبل شركة xAI التابعة لماسك، في منصة تيليجرام التي يستخدمها أكثر من مليار شخص حول العالم.
شراكة الذكاء الاصطناعي Grok يدخل تيليجرام بصفقة مليارية بين ماسك ودوروف
الاتفاق يمتد لعام واحد، ويشمل تقديم مبلغ 300 مليون دولار نقدًا وأصولًا من شركة xAI لصالح تيليجرام، إضافة إلى نصف عائدات الاشتراكات التي تتم عبر التطبيق لصالح روبوت Grok. أعلن دوروف رسميًا تفاصيل الاتفاق عبر حساباته على منصّتي تيليجرام وإكس (تويتر سابقًا).
شراكة الذكاء الاصطناعي Grok يدخل تيليجرام بصفقة مليارية بين ماسك ودوروف
تقارب تقني وفكري بين ماسك ودوروف
ذكرت مصادر أن الصفقة جاءت بعد لقاء جرى في باريس بين ماسك ودوروف، اللذين يجمعهما توجه مشترك نحو حرية التعبير ورفض الرقابة الحكومية، ما عزز من احتمالية التعاون بينهما، خاصة مع تقاطع رؤاهما التقنية والمبدئية.
توسع استراتيجي خارج منصة “إكس”
يمثّل إدخال Grok إلى تيليجرام أول تحرك استراتيجي لشركة xAI خارج منصة “إكس”، التي يملكها ماسك، ويأتي بعد أيام قليلة فقط من إعلان شراكة مع مايكروسوفت، والتي أتاحت استخدام تقنيات xAI عبر خدمتها السحابية Azure.
من المتوقع أن يعزز التعاون الجديد الحضور الرقمي لكل من Grok وتيليجرام، سواء من خلال دمج تقني مباشر في واجهة التطبيق، أو عبر توفير خدمات ذكاء اصطناعي متقدمة داخل المحادثات، مما يمنح الطرفين بيانات قيّمة ويوسّع من قاعدة مستخدميهما في ظل تسارع سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.
من الجدير بالذكر أن بافيل دوروف خضع لتحقيقات قضائية في فرنسا العام الماضي، إثر اتهامات بعدم تعاطي تيليجرام بفعالية مع أنشطة غير قانونية مزعومة. ورغم اعتقاله ووضعه تحت الرقابة، سُمح له بالسفر لأغراض العمل، وكان آخرها إلى دبي، حيث يقع المقر الرسمي لتطبيق تيليجرام.
حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تُصدر شركتا xAI وتيليجرام أي تعليقات إضافية حول تفاصيل الصفقة أو خطط التوسع المستقبلية، ما يترك المجال مفتوحًا لمزيد من المفاجآت في الفترة المقبلة.